أضحت القناعة راسخة لدى عامة الناس في تونس بضرورة العمل على قلع المنظومة الفاسدة التي أدت إلى رهن البلاد بجبل من الديون الخارجية وبأعباء ثقيلة شلت قدرتها على النهضة والتنمية الاقتصادية الصحيحة، وأورثت أهلها الفقر والتهميش وغلاء المعيشة والبطالة وانسداد الآفاق والتفاوت الجهوي، بالإضافة لتردي الخدمات الصحية والتعليمية، بالمقابل يسعى القائمون على المنظومة على تضليل الناس وإيهامهم بالتغيير، من خلال إشغالهم عن فساد النظام بفساد القائمين عليه، وذلك بمحاربة الفساد المالي بمختلف مستوياته، ابتداءً من سرقة الأموال العامة على أيدي كبار المسئولين في الدولة ورؤوس المال الفاسدين، ومروراً بالرشاوى، وانتهاءً بالمحسوبية وتفشي البيروقراطية في أجهزة الدولة.
بهذا الصدد قال المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس في بيان صحفي أصدره بعنوان "البديل القادر على إخراج تونس وأهلها من نظام الأزمات"، قال فيه: "ورغم أن شعار محاربة الفساد رفعته جل حكومات ما بعد الثورة، إلا أن الفساد ازداد تفشيا عبر تشابك مصالح لوبيات المال والإعلام ورجال الحكم وبعض الأحزاب والسياسيين، والسبب في ذلك هو الخطأ في تشخيص موطن الداء وسبب البلاء؛ فالمشكلة الأساسية تكمن في النفوذ الأجنبي ومنظومته الحضارية الرأسمالية التي يتحكم من خلالها في البلاد، فيصنع العملاء والفاسدين ويرعاهم ويسخر لهم الإعلام الفاسد ويحميهم بقوانين ومراسيم ويفرضهم على الناس بقوة الجند وبضغط مؤسساته المالية، منظومة متكاملة من الفساد والإفساد والنهب يتحكم الغرب والسفراء الأجانب بخيوطها وأدواتها، وكلما نجح الناس في إزاحة عميل أتى الغرب بمن هو أسوأ منه، ومن الخطأ الانشغال بذنب الأفعى وترك الرأس ينفث سمه في جسد الأمة".
أما عن الحل الصحيح الذي يخرج تونس من ظلم المبدأ الرأسمالي ومنظومته الفاسدة، فقال البيان: "إن الحل الأمثل للخروج من ظلم الرأسمالية المتحكمة وأنظمتها الفاسدة هو إعادة الإسلام إلى سدّة الحكم حتى نملك أمرنا ونعالج مشاكلنا الاقتصادية بناء على أحكام الإسلام الشرعيّة التفصيليّة التي تمنع الفقر من الانتشار وتعالجه إذا ظهر، فبها تصبح الدولة غنية، ومتطورة ومتقدمة اقتصادياً ومدنياً، لا تعرف المشاكل الاقتصادية العصرية كالمديونية والبطالة والتضخم، ولا يكتنفها الفساد والاستغلال والطبقية، ولا يجتاحها الفقر والمجاعة، ولا الجهل ولا المرض، ولا يُكتنز فيها المال ويهرّب. لا عجز في ميزانيتها ولا ضرائب تفرض على رعيتها".
واختتم البيان مخاطبا الملأ من أهل الفكر والرأي في تونس وموجها نداء صادقا مخلصا لهم للخروج بأنفسهم وبتونس وأهل تونس ومن ثَم المسلمين جميعا، فقال: "لقد أصبح التغيير الجذري اليوم أمراً يفرض نفسه على أهلنا في تونس، ولا يوجد أي بديل أو خيار غير العمل الجاد لتغيير الواقع الذي شهد بفساده جميع الناس، وإننا في حزب التحرير/ ولاية تونس نهيب بالخبراء والمفكرين والقضاة والمحامين والأساتذة والسياسيين وأصحاب الرأي في بلد الخضراء أن يفكروا من خارج إطار المنظومة الغربية، وأن يلتفتوا للبديل الحضاري الذي نضعه بين أيديهم، القائم على أساس الإسلام العظيم، والذي يفرض نفسه اليوم باعتباره ضرورة سياسية، بالإضافة لكونه واجبا شرعيا، فلا عدل إلا بتطبيق أحكامه ولا عزة إلا تحت ظله".