قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في كلمته خلال اجتماع لقيادة السلطة في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، مساء الثلاثاء، ردا على قرار كيان يهود ضم منطقة الأغوار والمستوطنات بمباركة أمريكية: "أنّ منظمة التحرير والسلطة قد أصبحتا في حل من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية (والإسرائيلية)، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها، بما فيها الأمنية"، وقرر استكمال التوقيع على طلبات انضمام السلطة إلى المنظمات والمعاهدات الدولية التي لم ننضم إليها حتى الآن. وجدد التزام السلطة بالشرعية الدولية، وبالقرارات العربية و(الإسلامية) والإقليمية ذات الصلة، مؤكدا التزامها الثابت بمكافحة (الإرهاب) العالمي أيا كان شكله أو مصدره! وأكد التزام السلطة بحل الصراع على أساس حل الدولتين، واستعداد السلطة للقبول بوجود طرف ثالث على الحدود، على أن تجري المفاوضات لتحقيق ذلك تحت رعاية دولية متعددة، وعبر مؤتمر دولي للسلام، وفق الشرعية الدولية. وأكد عباس أن السلطة ستستمر في ملاحقة الاحتلال على جرائمه بحق شعب فلسطين أمام الهيئات والمحاكم الدولية كافة، مجددا ثقته باستقلالية وصدقية أداء المحكمة الجنائية الدولية.
لم يبق في وجه السلطة وقادتها دم ولا ماء، فقادة يهود بمباركة الإدارة الأمريكية يعلنون عن عزمهم ضم منطقة الأغوار والمستوطنات والتي تعادل قرابة 30% من مساحة الضفة، مما سيقضي على أحلام السلطة في دويلة هزيلة على حدود الـ67، ويجعل من مشروع الدولة إدارات محلية لكنتونات متفرقة ومقاطعات مبعثرة، بينما قادة السلطة اجتمعوا ليعلنوا مواصلة تمسكهم بحلول الخيانة والتسليم والتفريط، من خلال التمسك بمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، وليؤكدوا على تمسكهم بحل الدولتين الخياني، واستعداد السلطة للقبول بوجود احتلال ثان لفلسطين تحت مسمى طرف ثالث.
ولذر الرماد في عيون أهل فلسطين قالوا بعبارات فضفاضة إنهم في حل من الاتفاقات والتفاهمات بما فيها الأمنية، بعد أن أكدوا على كل مقومات وعناصر التفريط.
في حين أفادت أخبار القناة الـ12 في التلفزيون العبريّ أنّ مسؤولاً فلسطينياً رفيع المستوى لم تذكر اسمه بعث برسالة إلى الجيش في كيان يهود وجهاز الأمن العام (الشاباك) قال فيها إنّ بعض التنسيق سيستمر، وأنّ أجهزة الأمن الفلسطينية ستواصل بذل قصارى جهدها لإحباط هجمات ضد كيان يهود، وتعهد بأنه لن يُسمح للفصائل الفلسطينية بالعمل بحرية في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية.
فقادة يهود وترامب يمرغون أنف السلطة في التراب ويدوسون على أحلام قادتها الطفولية في دويلة هزيلة تعيش بسلام إلى جانب، بل تحت سيطرة الكيان الغاصب، بينما قادة السلطة والمنظمة يواصلون التشبث بما أضفى ويضفي الشرعية على الاحتلال وبما يحقق مصالح الدول الاستعمارية في تثبيت كيان يهود في الأرض المباركة فلسطين، بل ويزيدون على ذلك بالترحيب باحتلال ثان لفلسطين تحت مسمى الطرف الثالث، ويؤكدون على مواصلة الارتماء في أحضان الغرب الكافر المستعمر والمؤسسات الدولية التي أوجدت كيان يهود ورعته وحفظته طوال العقود السبعة الماضية.
وزادوا على ذلك بتأكيدهم لأسيادهم في أوروبا وأمريكا على أنهم جنود أوفياء لهم في حربهم الصليبية على الإسلام (الإرهاب) والمسلمين مهما كلفهم الأمر، ليخطبوا بذلك ود أمريكا والغرب ويذكروهم بأصل الفكرة من إيجاد السلطة الفلسطينية وحلول الاستسلام، مثلما برهنت السلطة عمليا على دورها في حرب الإسلام في اتباعها لتوصيات الغرب وتعليمات منظمة الصحة العالمية لمواجهة كورونا حين أغلقت المساجد ومنعت صلوات الجماعة والجمع والقيام وشعائر العيد بذريعة الوباء رغم أنها فتحت البلاد على مصراعيها أو كادت، فأي خزي وصغار هذا الذي وصل إليه قادة منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها؟!
إنّ ردود فعل السلطة ومنظمة التحرير على قرارات ترامب وقادة يهود لا يمكن فهمها إلا بأحد تفسيرين، إما أنّهم يمثلون على الناس بادعائهم الممانعة والتصدي لصفقة القرن بينما هم في الحقيقة يساهمون تدريجيا في تمرير المؤامرة بالتضليل والخداع والشعارات الفارغة، أو أنّ قادة السلطة والمنظمة قد وصل بهم الحال في الذل والخيانة والصغار إلى درجة لم يسبقهم إليها أحد بحيث تُمرغ أنوفهم في الوحل ويُداس عليهم بالنعال القذرة بينما هم يواصلون التفريط والتنازل، أو أنهم يجمعون بين التفسيرين معا.
والحقيقة أنّ السلطة تدرك تمام الإدراك أنها ما وجدت إلا من أجل التفريط بفلسطين، وحمل أهل فلسطين والمسلمين جميعا على القبول بالتفريط والخيانة تدريجيا، مع الإبقاء على شرعية الاحتلال والمحافظة عليه، وهي تدرك أن بقاءها مرهون بتقديم الخدمات لكيان يهود وعلى رأسها خدمة التطبيع والتنسيق الأمني.
وكل يوم يمضي يكشف عمق ارتباط السلطة بمشاريع التفريط والتنازل، وأنّ ما تقوم به بين الفينة والأخرى من ممارسات بهلوانية وحركات دونكيشوتية ما هي إلا لتعبئة الفراغ وتمضية الوقت ريثما تتم تصفية القضية وفق ما يحب الغرب الصليبي ويشتهي. فقادة منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها باتوا يرون في السلطة مشروعا استثماريا ومكسبا ماديا يستميتون في الحفاظ عليه من الانهيار حتى لو وصلت بهم الحال أن أصبحوا مثلهم مثل روابط القرى.
أما من يدعي النضال والثبات فعليه أن يعلنها مدوية بأن كيان يهود هو كيان غاصب محتل لكل شبر في فلسطين، وأنّ الدول الغربية وأمريكا والمؤسسات الدولية مجرمون شركاء للاحتلال، وأنّ فلسطين لا تقبل القسمة على اثنين ولا ثلاثة وأن لا حل لها سوى أن تُحرر كاملة من يهود وتطهر من رجسهم من خلال جيوش الأمة وجحافلها.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين