أجرى الكاتب الصحفي نزهان إتيزاد من جريدة الشرق في طهران مقابلة مع المهندس عثمان بخاش مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير، ونشرت الجريدة المقابلة بتاريخ 21 أيار 2016، والمقابلة طويلة تضمنت عددا من المواضيع الساخنة في المنطقة، واشتملت على 21 سؤالا، ولكن لسبب أو لآخر ارتأى محرر "الشرق" إسقاط عدد من الأسئلة من النشر، كما قام ببتر بضعة أجوبة واختصار بعضها الآخر. والمقابلة طويلة وسننشرها كاملة على موقعنا على الإنترنت، ولكن نريد هنا تسليط الضوء على أبرز ما جاء فيها، ونشر الأسئلة التي قفز عنها محرر "الشرق".
س1: يدعو عدد من التنظيمات الإسلامية، سواء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو تنظيم القاعدة، أو سيد قطب إلى عالمية الإسلام ووجوب إقامة خلافة عالمية، ما الفرق بين حزب التحرير وتنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، إذ يبدو أنكم تشتركون معهم في فكرة الخلافة؟
ج1: حين انطلق حزب التحرير في 1953 للعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة لم يكن هناك يومئذ لا تنظيم القاعدة ولا تنظيم الدولة. فقد حدد حزب التحرير منهجه في التغيير الجذري لإقامة الخلافة مقتفيا طريقة رسول الله e في حمل الدعوة، الذي لم يتبع طريق القتال والجهاد في إقامته للدولة الإسلامية الأولى. من هنا رفض الحزب مخالفة نهج الرسول بالقيام بالأعمال المادية، وأصر على الانخراط في الصراع الفكري والكفاح السياسي. فنهج التغيير حكم شرعي، وليس عرضة لمزاج شخصي أو هوى فرد أو جماعة. نعم هناك تنظيمات تظن أنّ "الجهاد" هو الطريقة لإقامة الدولة الإسلامية، ونحن نخالفهم في هذا الفهم الذي يخالف طريقة الرسول في إقامة الدولة.
س2: يتخذ الحزب موقفا حاسما فاصلا في الصراع بين معسكر الحق ومعسكر الباطل كما يراه الحزب، ولكن هناك مفكرون إسلاميون كراشد الغنوشي الذي يخالف هذه النظرة، ويدعو إلى إيجاد طريق ثالث يقوم على التعاون بين الإسلاميين والعلمانيين عن طريق الدولة العلمانية الديمقراطية. هل ترى أن هذه الدعوة لها حظ من النجاح في الشرق الأوسط؟
ج2: قد يرى راشد الغنوشي، أو مفكرون آخرون على شاكلته، أن هناك "طريقا ثالثًا" كما وصفتها، ولكننا نرى أن لا حل وسطاً بين الإسلام والكفر، اللذين لا يلتقيان أبدا، كما لا تلتقي النار مع الماء. أي بعبارة أخرى هناك تناقض كلي وجوهري بين الإسلام الذي يقوم على قاعدة التوحيد بالإيمان برب العالمين وبين النظم الوضعية مهما كان لونها (من رأسمالية إلى ماركسية أو ما شاكل من نظم وضعية). أولئك الذين يتوهمون وجود "طريق ثالث" فشلوا في فهم حقيقة الدين الإسلامي وحقيقة عقيدة النظم الوضعية، إذ لا يمكن بحال أن يتم الخلط بينهما.
س3: تنقل بعض التقارير الإعلامية أن الحركات السلفية كحزب التحرير تنشط في كسب الأتباع في وسط اللاجئين في المخيمات في شمال لبنان، ألا ترى أن في هذا استغلالاً لمعاناة اللاجئين وظروفهم المعيشية السيئة؟
ج3: من الواضح أنك تشير إلى تقارير مغلوطة لا أساس لها. حزب التحرير لم يعرف نفسه يوما بأنه حزب سلفي بأي شكل من الأشكال. فحزب التحرير هو حزب سياسي يعمل بين الأمة ومعها لتحريضها على استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية التي تطبق شرع الله، ويسعى الحزب لصهر الأمة في بوتقة الإسلام، دون اعتبار لأي عامل تفرقة بين المسلمين. فالحزب لا يعترف بالأوضاع السياسية التي أوجدها الاستعمار الغربي، ويرى أن المسلمين أمة واحدة كجسد واحد، بغض النظر عن أي توصيفات: شيعي وسني، وشافعي وحنفي، جعفري أو زيدي وما شاكل. شعائر الحج وصوم رمضان والصلاة هي شواهد على وحدة المسلمين، ولكن ما ينقص تجسد هذه الوحدة عمليا هو وجود دولة الخلافة على منهاج النبوة.
س4: لا نفهم موقف حزب التحرير تجاه حزب الله، إذ يبدو لنا متناقضا؟ ففي إحدى المقابلات أيدت أنت مقاومة حزب الله ضد إسرائيل، ولكنك قلت إنك لا تؤيد سياسة حزب الله الطائفية. فما هو رأيكم في حزب الله؟ ثم ألا تجد أن حزب الله هو العدو المشترك لكل الأحزاب السنية والسلفية كالمستقبل؟ وما هو رأيكم في ما يقوم به حزب الله في سوريا؟
ج4: حزب الله قد يكون عنده خصومة تجاه الحركات العلمانية، وهذه ليست مشكلتنا، وأنا هنا لا يهمني التكلم نيابة عن تيار المستقبل. حزب التحرير دائما أيد أعمال الجهاد ضد القوى الأجنبية التي احتلت بلاد المسلمين؛ ولكن حزب التحرير عارض ما يقوم به حزب الله من تنفيذ لسياسات النظام الإيراني القومية. وأسوأ من هذا انحدر حزب الله إلى مستوى هابط في مشاركته في ارتكاب جرائم جماعية في سوريا، ومن أجل ماذا؟ للدفاع عن نظام البعث العلماني في سوريا، بمباركة أمريكية كلية. المسألة هنا أكبر من حزب الله، فالأمر يتعلق بالدور الذي رسمته أمريكا للنظام الإيراني (لتحقيق مصالحها) من اليمن إلى سوريا والعراق. هذه السياسة الإيرانية ساهمت في إشعال فتنة الصراع الشيعي-السني في المنطقة، وهذه سياسة ندينها ونرفضها بالكلية. (وأنا أتساءل هل ستنشر هذا الكلام).
(ملاحظة الراية: حذفت جريدة الشرق ما تحته خط من الجواب أعلاه).
س5: يرى السيد حسن نصر الله، قائد حزب الله، أن الدعوة لإقامة دولة إسلامية في لبنان تطبق الشريعة أمر غير ممكن بسبب التركيبة الطائفية فيه. ألا ترى أن هذه النظرة واقعية؟
ج5: المشكل في هذه النظرة أنها تنطلق من قبول الوضع السياسي الذي فرضه الغرب بموجب معاهدة سايكس بيكو على أنه مقدس ودائم. نحن نرى بقوة أن الإسلام يوجب هدم هذه المنظومة الاستعمارية، كما يوجب عودة الأمة الإسلامية أمة واحدة لتخرج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، ولكن هذه ليست رؤية حزب الله ولا النظام الإيراني. دون إغفال الحقائق التاريخية التي تثبت أن غير المسلمين عاشوا بين المسلمين بكل أمن واطمئنان.
(الراية: هذا السؤال والجواب حذف بالكلية مما نشرته الجريدة)
س6: يقول النقاد إن الحركات السلفية كحزب التحرير لا تعترف بـ"الآخر". فالسلفيون يرفضون الليبرالية والحركة النسوية والشيوعية ويدعون إلى طردهم من المنطقة. ألا ترى أن حزبكم والحركات السلفية لا تستطيع التواصل مع الآخرين؟ ألا ترى أن النظرة السلفية إلى العالم (الآخر) تسببت بنزاعات دائمة بين الأفراد والجماعات؟؟
ج6: أريدك أن تعود إلى الوراء وبعد أن تأخذ نظرة فاحصة معمقة على أحداث المسرح العالمي في القرنين العشرين والواحد والعشرين وتخبرني كم وكم من الحروب والمجاعات والأزمات الاقتصادية والكوارث الإنسانية والنكبات تستطيع أن تحصي؟؟ ومن يتحمل مسؤولية هذه الكوارث؟ الإسلام أم النظم العلمانية؟
(الراية هذا السؤال والجواب حذف بالكلية من نسخة الشرق)
س7: دائما تركزون في خطابكم على أهمية الوحدة بين الشيعة والسنة، ألا ترى أن هذا مطلب مستحيل في لبنان والمناطق الأخرى في الشرق الأوسط؟ فها نحن نجد نزاعا بين حزب الله والمستقبل، ونزاعا بين إيران والسعودية وهما أقطاب الشيعة والسنة. فكيف ترى أن الوحدة ممكنة برغم كل هذا؟ وما هو السبب الأساس للنزاع بين هذه الأطراف بنظرك؟
ج7: المسلمون جميعا يؤمنون بوحدانية الله تعالى، وبنبوة محمد e، وبالقرآن الكريم الكتاب الرباني الأخير الخالد. إذن نعم هذه هي عوامل الوحدة بين المسلمين. وما يمنع هذه الوحدة هي النظم السياسية الفاسدة التي تخدم سياسات الاستعمار ومصالحه. انظر إلى العراق مثلا حيث كانت الزيجات المختلطة منتشرة بشكل طبيعي بين الناس، حتى جاء الاحتلال الأمريكي، والسياسات الطائفية للنظامين السعودي والإيراني فكل هذا أجج الصراع الطائفي، مهددا وحدة الأمة. فكل من النظام الإيراني والنظام السعودي يتخذان من شماعة "فتنة الصراع السني – الشيعي" لتخدم المنافسة السياسية بينهما. لا ننسى أنه فيما مضى كان الملك فيصل حليفا مهما لشاه إيران في صراعهما ضد جمال عبد الناصر (المحسوب أنه سني). وهكذا نرى أن السياسة هي التي تفرق هذا الحاكم أو تقربه من ذاك.
(الراية هذا السؤال والجواب حذف كلية من الشرق)
يتبع إن شاء الله