قد يتهيَّأ للناس أن نتنياهو عندما قال إنه لن "يقبل بقيام أي خلافة على شاطئ المتوسط"، إنما يتكلم من موقع القوة والانتصار، إلا أن المدقق يرى أن تصريحه هذا يكشف عن الهلع الذي يملأ قلبه من عودة الخلافة. وهو إذ يخاطب به مهدداً أمة الإسلام التي لا تركع إلا للذي خلقها، ولكنه يذكر به تذكيراً خفيّاً دول الكفر أنه يقوم بمهمة (منع إقامة دولة الخلافة) بالنيابة عنهم. وهو إذ يظهر القوة والقدرة على الانتصار؛ ولكنه علم وتأكد أن أمة الإسلام صامدةٌ أمامه لم تهزم، وأن أول هذه الأمة هم أهل الشام، أهل بيت المقدس وما حوله، ومنه غزة، وآخرهم حتى آخر مكان فيه مسلمون. فإذا كانت غزة وحدها قد أعجزت هذا الكيان ومَنْ خلفَه من دول الكفر والعمالة مجتمعةً، فما بالهم بأمة تتوق لأن تحمل الراية وتُسيءَ وجوهَهم وتحققَ فيهم قوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً﴾؟! وإذا كان هو لا "يقبل بقيام أي خلافة على شاطئ المتوسط"، فما باله إذا أتته من خارجه، فالخلافة مطلب أمة وليست مطلب أهل المنطقة فحسب؟! يكفي أن يسقط حكمٌ واحدٌ في بلاد المسلمين ويتسلم أهل الدعوة إلى إقامة الخلافة الحكم فيها حتى ينتشر أمرها في الأمة انتشار النار في الهشيم. وإنه إذا كان هذا النتن يعيش هذا الهلع، فأنَّى له أن يخوِّف ويهدِّد؟!