ذكرت جريدة الأسبوع على موقعها السبت 6/4/2024م، قول شيخ الأزهر، إن أبطال هذه الصورة القاسية التي نراها في غزة، قادة وسياسيون وعسكريون من ذوي القلوب الغليظة، الذين نزع الله الرحمة من جميع أقدارها، يقودون فيها جيشاً مدعوماً بأحدث ما تقذف به مصانع أوروبا وأمريكا من أسلحة حديثة ومدمرة، يواجهون به شعباً مدنياً أعزل لا يدري ما القتل ولا القتال وليس له عهد من قبل بسفك الدماء.
في سياق متصل أضاف شيخ الأزهر، خلال كلمته في احتفالية ليلة القدر المنعقدة بمركز المنارة، لعل الأحداث القاسية تثبت دون أدنى ريب أن الإنسانية لم تكن في عصر من عصورها بحاجة لهدي القرآن الكريم وأمثاله من الكتب المنزلة بمثل ما هي عليه اليوم، فقد أصبح واضحاً أن عالمنا المعاصر فقد القيادة الرشيدة الحكيمة، وراح يخبط خبط عشواء، بلا عقل ولا حكمة، وبات يندفع بلا كوابح نحو هاوية لم يعرف لها التاريخ من قبل مثيلا.
شيخ الأزهر يخاطب خطابا استهلاكيا يدغدغ مشاعر الناس دون بيان ما أوجب الله عليه قولا وعملا بل ربما في قوله ما يبتعد بنظر الناس عن الأشد جرماً فيما يحدث لأهلنا في غزة ومن يشاركون ذبحهم ويرقصون على دمائهم وأشلائهم.
فغلاظ القلوب ليسوا فقط هؤلاء القتلة الذين يقصفون غزة ويقتلون ويشردون أهلها فقط بل كل من حاصرهم وتركهم وجها لوجه مع جيش الكيان الغاصب بلا سلاح ولا دعم وهم جوعى وعطشى وجرحى ومرضى، لقمة سائغة أمام يهود.
غلاظ القلوب يا شيخ الأزهر من يعلمون أن أمريكا تدعم يهود ويبقى على ولائه لهم ولعملائهم الذين يحاصرون غزة وأهلها.
غلاظ القلوب من يدركون أن غزة لن ينصرها إلا الجيوش ثم يكتفون بالشجب وخطاب المجتمع الدولي دون دعوة تلك الجيوش للقيام بما أوجبه الله عليها من نصرة لأهلنا في الأرض المباركة، والقيادة الرشيدة التي يحتاجها العالم اليوم هي دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وأنت تدرك ذلك وتدرك وجوب وحتمية وجودها يا شيخ الأزهر.
إن تحرير فلسطين ونصرة غزة لا يكون بالخطب الجوفاء ولا بالاحتفال مع من يشارك في قتلهم وحصارهم ويدعم قاتليهم، بل يكون بمفارقة من يعاديهم ومن يمتنع عن نصرتهم، والدعوة لتحريك الجيوش للقيام بما أوجب الله عز وجل من تحرير كامل لأرض فلسطين ونصرة حقيقية لأهلها، فأرض فلسطين أرض خراجية ملك لكل الأمة وسكانها ليسوا سكانا لدولة شقيقة بل إخواننا؛ لهم ما لنا وعليهم ما علينا، ونصرتهم وتحرير فلسطين كاملة واجب على كل جيوش الأمة وخاصة دول الطوق، وهو أوجب ما يكون على جيش الكنانة.
ولهذا يجب أن يكون خطابك يا شيخ الأزهر موجهاً نحو الجيوش لتحريضها على التحرك لتحرير الأرض المباركة ونصرة أهلها، بل واقتلاع كل ما يحول بينهم وبين هذا الواجب من حكام خونة عملاء.
إن أسلحة أمريكا وأوروبا لم تكن لتمر لكيان يهود لولا دعم حكام بلادنا ولو أرادوا لمنعوا الهواء حتى عن الكيان المسخ، ولو أرادوا لاقتلعوه من جذوره، ولكنهم على الحقيقة هم حراسه وصمام أمانه وقبته الحديدية الحقيقية، وخلعهم واجب وضرورة حتمية لضمان تحرير فلسطين، وصدق من قال إن تحرير فلسطين يبدأ من القاهرة.
أما القيادة الرشيدة التي تتكلم عنها فلا توجد قيادة رشيدة إلا في الإسلام وفي ظل دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي يجب أن تكون أنت أول الداعين لها والعاملين لإقامتها، وإلا فلا حجة لك أمام الله سبحانه، وعنده وحده تجتمع الخصوم.
كن لها يا شيخ الأزهر وحرض أبناء الكنانة شعبا وجيشا على أن تكون وجهتهم نحو الأرض المباركة تحريرا ونصرة وإزالة للحدود وتوحيدا للأمة من جديد، عسى الله أن يكتب الخير بكم ويغفر لكم ما قد سلف، فبادر عسى الله أن يفتح بكم سبل الخير وتكون بكم دولة الإسلام التي تنصر أبناءه وتحكم بشرعه وتحرر أرضه ومقدساته.
أيها المخلصون في جيش الكنانة: إن تحرير كامل فلسطين هو واجبكم، والله سائلكم عن تلكم الدماء التي تراق فجهزوا جوابكم، واعلموا أن نعيم الحكام وجنتهم في الدنيا جحيم عند الله جل وعلا، ولن ينفعكم الحكام ولا رتبهم ورواتبهم ومميزاتهم، فكلها هباء منثور لا قيمة له، بل سحت يوجب العذاب، فابرؤوا منه كله وادفعوا عن أنفسكم وزر هؤلاء الحكام وعمالتهم وما تلونت به أيديهم من دماء إخوتنا، وكونوا نصراً لهم وجبرا ودرعا يحمي الأمة من تغول تتار زماننا هذا، فمن للإسلام إن لم يكن أنتم ومن ينصره غيركم؟! فاستعيدوا سيرة الأنصار واحملوا دينكم ليوضع موضع التطبيق من جديد عسى الله أن يفتح بكم وعليكم فتقام على أيديكم دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر