في مشهد يتكرر حتى بات عادة مأساوية، استفاق الناس مؤخرا على كارثة جديدة راح ضحيتها تسعة أرواح بريئة في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية، بعد أقل من أسبوع على فاجعة أبكت القلوب حين قضت ثماني عشرة فتاة يافعة حتفهنّ في حادث مماثل لم يختلف في شيء عن سابقاته سوى عدد الضحايا.
الراية: لقد صار الطريق الإقليمي - الذي طالما روج له النظام باعتباره "إنجازاً قومياً" - شاهداً دائماً على عبثية الإنجازات المزعومة التي يتغنى بها الحكام وهم يختبئون خلف اللافتات الإعلامية الكاذبة ويُهملون حق الناس في أبسط حقوقهم ألا وهو العيش الآمن على طرق لا تخطف أرواحهم.
إنّ هذه الفواجع ليست حوادث عابرة يبررها البعض بالقدَر أو سوء الحظ، بل هي النتيجة الطبيعية المباشرة لغياب الرعاية الحقيقية لشؤون الناس، ولتغول الفساد المزمن في أجهزة الدولة، وهو فساد يستمد جذوره من تبني النظام الرأسمالي العفن الذي يقيس الأمور بمقياس النفعية ويزنها بميزان الربح والخسارة لا بميزان الحق والواجب، ولا اعتبار عنده لحلال الله وحرامه.
إن علاج هذه الكوارث لا يكون ببيانات الشجب ولا بوعود الإصلاح، وإنما بإقامة نظام يحكم بالشرع ويرعى شؤون الناس وَفْقَ أحكامه، فيضرب على يد المفسدين، ويضبط أعماله بمعيار الحلال والحرام لا بمعيار "العائد على الاستثمار".