طالب رئيس أمريكا ترامب عبر منصة "تروث سوشال"، أن تمر السفن الأمريكية عبر قناتي السويس وبنما مجاناً، مدّعياً أن أمريكا "هي من أنشأت هاتين القناتين"، ومكلفاً وزير خارجيته بعقد اتفاقات تكرّس هذا الطلب الاستعماري.
كان رد النظام المصري على هذا التصريح الاستفزازي هو الصمت، ما يعكس ضعف موقفه أمام الإملاءات الدولية، ومدى عمالته وانبطاحه لأمريكا الكافرة المستعمرة، وعجزه التام عن الدفاع عن السيادة، بل وعن أبسط مظاهر الكرامة (الوطنية) المزعومة.
إن تصريح ترامب هذا هو تعبير دقيق عن عقيدة الغرب تجاه بلاد المسلمين، فهم يعتبرون مقدراتنا ملكاً مشاعاً لهم، وينظرون إلينا باعتبارنا مستعمرات تابعة لا تملك حق السيادة الفعلية، ويعتبرون أن تدخلهم في شؤوننا حقٌ مكتسبٌ. وهذا جزء من سياسة استعمارية قديمة جديدة، عبّر عنها اللورد كرومر بقوله: "نحن لم نحتل مصر من أجل مصر، بل من أجل مصالحنا". وها هو ترامب يعيد إحياء هذا المنطق الوقح نفسه، في ظل أنظمة تدين بالولاء لأسيادها الغربيين.
الممرات المائية التي تمر بأرض المسلمين هي جزء من الملك العام الذي يجب أن يدار وفق أحكام الشرع، لا وفق القوانين الوضعية أو المعاهدات الاستعمارية، وقناة السويس جزء لا يتجزأ من أرض مصر، التي هي جزء من البلاد الإسلامية، وبالتالي لا يجوز التفريط فيها ولا إخضاعها لمنظمات دولية، ولا إلزامها بحرية مرور مطلقة. وهذا لا يمكن أن يتم إلا بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي توحّد بلاد المسلمين، وتستعيد سلطانهم على مقدراتهم، والتي يجب على أهل مصر كنانة الله في أرضه أن يغذوا السير مع حزب التحرير لإقامتها.