نشأ نظام الكفالة في الخليج مطلع القرن العشرين، بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، ونشوء دويلات لم تكن موجودة من قبل، قليلة السكان. وتوسع نظام الكفالة في الخمسينات مع ظهور النفط، وحاجة ممالك الخليج إلى عمالة وافدة لانعدامها لديها، ولتحكم شركات النفط البريطانية والأمريكية في متعلقات استكشاف وإنتاج وتصدير النفط إلى الأسواق العالمية. وشملت العمالة الوافدة، العمال في المزارع، ورعاة الإبل والمواشي، وسائقي السيارات، والخدم في البيوت. كان هدف نظام الكفالة توفير العمالة المطلوبة بإدخالها إلى البلاد بسرعة، وإخراجها منها بسهولة. فقد فوض هذا النظام الكفلاء أرباب العمل "من أفراد وشركات محلية" المسؤولية عن العمال المكفولين، بموجب تصاريح الكفالة الممنوحة لهم من ممالك الخليج، لتوظيف العمال المهاجرين، ومنحها السيطرة على أماكن إقامتهم وعملهم، ووضعهم القانوني، ومغادرتهم الخليج.
يعرف نظام الكفالة، بأنه مقيّد للعمال المهاجرين بأرباب عملهم، ويخل بعلاقتهم فيما بينهم، ويمنع العمال المهاجرين من الإبلاغ عن الإساءات والاستغلال. تحجز جوازاتهم لدى أرباب العمل، ويعملون لساعات طويلة، مع انعدام معرفة ظروف العمل والمعيشة. يُنْظَرُ إلى نظام الكفالة بأن فيه تجارة وتحكماً في البشر، ومنع انتقال المكفولين إلى عمل آخر، ما يدفع البعض إلى الهروب من كافليهم. ويستثنى المهاجرون من تلقي المخصصات الحكومية للسكن والرعاية الصحية والتعليم الحكومي لأبنائهم. ومنذ عام 1990م اسْتُبْدِلَ مهاجرون شرق آسيويين بالمهاجرين من الدول العربية، وبلغت نسبتهم 80-90% من السكان الأصليين، وأقلهم نسبة في عُمان.
وصفت المنظمات الحقوقية نظام الكفالة بأنه شكل من العبودية الحديثة، وانتقدته في بلدان الخليج، لأنه كما قالت يخلق فرصاً سهلة لاستغلال العمال المهاجرين، حيث يصادر العديد من أصحاب العمل جوازات السفر، ويعتدون على العمال المهاجرين، مع فرصة ضئيلة للعواقب القانونية، وحتى إعادتهم إلى بلدانهم. وكان الاتحاد الدولي للنقابات العمالية وفقاً لمجلة الإيكونوميست، قال في تقرير له عام 2014م: "من غير المرجح أن يتحسن وضع العمال المهاجرين حتى يتم إصلاح نظام الكفالة، حيث يصبح العمال مدينين لأصحاب العمل الذين يكفلون تأشيراتهم. ويمنع النظام المنافسة المحلية للعمال المهاجرين في بلاد الخليج".
أما في بلاد الغرب فيقتصر دخول أي دولة في الحصول على تأشيرة لدخولها، ويتم الحصول عليها من سفاراتها. كما سمحت اتفاقية شنجن للأوروبيين منذ 1995م، التنقل في أوروبا لحاملي التابعية الأوروبية، والحاصلين على تأشيرة شنجن، من غيرهم.
وللتعرف على معنى الكفالة لغة واصطلاحاً وشرعاً: كَفَلَ يَكْفُلُ، لغة هو التعهد والتحمل عن الآخرين. قال أبو حيان في البحر المحيط: الكفالة الضمان، يقال كَفَلَ يَكْفَلُ فهو كافل وكفيل، هذا أصله ثم يستعار للضم والقيام على الشيء. أهـ. وجاء في لسان العرب: كفيل وكافل وضمين وضامن بمعنى واحد. واصطلاحاً عقد الكفالة هو أن يتعهد الشخص "الكفيل" بإحضار المدين "المكفول" إلى الدائن "المكفول له" عند حلول الدين وامتناع المدين من دفعه. وشرعاً عقد بمقتضاه يلتزم شخص يسمى الكفيل لتنفيذ التزام ما، وذلك بأن يتعهد للدائن والذي يسمى بالمكفول له، ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق، أي في الدين، فيثبت الدين في ذمتهما جميعاً. والكفالة بالمال والنفس "كفالة البدن أو الوجه" فهي التزام إحضار المكفول إلى المكفول له، أو إلى مجلس الحكم أو نحو ذلك.
بعد التعرف على دلالة الكفالة، فإن كفالة "ضمان" المال، تنحصر في التعاملات المالية، سواء كفالة الأيتام وغيرهم من الناس، ممن لا يستطيعون سداد ما عليهم من ديون ورثوها عن مورثيهم، أو عجزهم - لصغر سنهم - عن تصريف شؤون حياتهم، فيقوم أناس مقتدرون مالياً بكفالة سداد ما ورثوه من ديون، أو كفالتهم في تصريف شؤون حياتهم، حتى يغنيهم الله. وضمان بتسديد مال عمن عجز عن سداد دينه.
والحقيقة أن بيت مال المسلمين، هو من يكفل، ويقوم بسداد ديون الأيتام، عملاً بما رواه أبو هريرة «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَلُ: هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاءٍ؟ فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِلَّا قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ: أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؛ فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ». وكفاية الناس ممن عجزوا عن تصريف شؤون حياتهم، عملاً بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
إننا لا نجد في أحكام الإسلام ما يعامل به المسلمون، غيرهم من الناس اليوم، من نظام الكفالة في غير ما أوردنا. فقد كان المسلمون يتنقلون من اليمن إلى الشام، ومن مصر إلى بلاد الرافدين، ومنها جميعاً إلى خراسان والهند وغيرها من بلاد المسلمين، دونما قيد أو شرط. ولم يظهر نظام الكفالة، إلا بعد تقطيع بلاد المسلمين، وإقامة أنظمة حكم فيها على غير الإسلام. فَمُنِعَ المسلمون من الانتقال إلى ما وراء حدود سايكس بيكو المصطنعة إلا بجوازات وتأشيرات دخول وبكفالة عقّدت أساليب الحياة ونغّصت سبل العيش!
وكما بدأ نظام الكفالة في الظهور بعد هدم دولة الخلافة نهاية الحرب العالمية الأولى، فإن إزاحته ستكون بإقامة دولة الخلافة، التي تحكم بالإسلام، وإزالة الحدود السياسية بين بلاد المسلمين.