أعلن الجيش الأمريكي أنه شن ليلة الجمعة 18 نيسان/أبريل الجاري سلسلة غارات على ميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة، أوقعت 74 قتيلاً و171 جريحاً، في حصيلة تعد الأعنف منذ بدء الغارات الجوية الأمريكية في 15 آذار/مارس المنصرم. وقالت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، في بيان لها على منصة إكس، إن "الغارات استهدفت قطع الإيرادات عن الحوثيين"، مضيفة أن "ميناء رأس عيسى قد حوّل أرباحاً غير مشروعة إلى الجماعة منذ دخول تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية حيز التنفيذ في 5 نيسان/أبريل". كما أدت الغارات على الميناء إلى تدمير مرافق الميناء وخزانات التخزين، الأمر الذي تسبب في تسرب كميات من المواد النفطية إلى البحر.
هكذا تكون الغارات الأمريكية على ميناء رأس عيسى النفطي، قد أخذت منعطفاً مختلفاً هذه المرة على الجماعة، ظهر ذلك من إدانات الشجب المحلية والدولية لها. فقد قالت وزارة التغيير والبناء في صنعاء يوم الجمعة 18 نيسان/أبريل الجاري: إن "الجريمة عقاب جماعي للشعب وانتهاك صارخ لسيادة اليمن واستقلاله"، وقال مجلس النواب في بيان صادر عنه في يوم الجمعة ذاته: إن "استهداف المنشآت المدنية انتهاك للقوانين الدولية والإنسانية"، وأصدر مجلس الشورى بياناً يوم الجمعة أيضاً، "دعا فيه المجتمع الدولي، وفي مقدمتهم مجلس الأمن، إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم القانونية والإنسانية"، وقال المكتب السياسي للحوثيين في بيان له، تزامن مع البيانات السابقة: إن العدوان "يفضح على نحو متزايد الخطاب الإنساني الزائف للغرب وما يسمى بالمجتمع الدولي"، وطالب المركز اليمني لحقوق الإنسان في بيان صادر عنه، "المجتمع الدولي والأمم المتحدة وهيئات القانون الدولي بالتحرك العاجل". ووجه رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط بعد الهجوم الأمريكي بخمسة أيام، حكومة التغيير والبناء، ووزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار بإصدار قرار منع دخول البضائع الأمريكية واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه من يخالف القرار. كما وجه بعمل مهلة ثلاثة أشهر، عقبها يتم منع دخول أي قطعة من أي منتج أمريكي لليمن، مع أن شعار المقاطعة مرفوع منذ 21 أيلول/سبتمبر 2014م!
دولياً أدلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ببيان في 19 نيسان/أبريل الجاري، أعرب فيه عن قلقه العميق إزاء الضربات الجوية الأمريكية، مشيراً إلى تأثيرها المدمر على المدنيين. فيما أدانت روسيا، الهجمات الأمريكية على ميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة غربي اليمن، مؤكدة رفضها بشدة للهجمات الأمريكية على الحوثيين في اليمن.
ونددت الخارجية الإيرانية بشدة بالغارات الجوية الأمريكية على ميناء رأس عيسى. من جهته قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إن الهجوم الأمريكي على ميناء رأس عيسى في الحديدة غربي اليمن استخدام غير مشروع للقوة ويستدعي تحقيقاً ومساءلة فورية. وأوضح المرصد، في بيان، أن طبيعة الموقع المستهدف والخسائر البشرية الجسيمة الناتجة عن الهجوم تثير شبهات خطرة بوقوع جريمة حرب وفقاً لأحكام القانون الدولي. ودعا الكيانات الدولية المختصة بفتح تحقيق فوري ومستقل في الهجوم على ميناء رأس عيسى واتخاذ الإجراءات القانونية بحق الجناة وضمان إنصاف الضحايا وعائلاتهم. كما أدان مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، بشدة الغارات الجوية التي شنتها بلاده ليلة الجمعة، على اليمن، والتي استهدفت ميناء رأس عيسى واصفاً الهجوم بأنه "جريمة حرب".
تأتي ضربات الأمريكية على ميناء رأس عيسى النفطي قبل يوم واحد على انطلاق الجولة الثانية من المفاوضات بين أمريكا وإيران حول ملفها النووي، فضرب ميناء رأس عيسى باليمن، موجه لطهران في الأول والأخير، لتطويع أتباعها، وللتخلي عن برنامجها النووي، كما فعلت في 2015م. كما لا يغيب التأثير الاقتصادي على الحوثيين جراء تدمير منصة الوقود في ميناء رأس عيسى النفطي، وحرمانهم من إيراداته باعتباره شرياناً يعتمدون عليه في تمويل أنشطتهم. وقطعه سيؤدي إلى نقص في إمدادات الوقود، وسيتأثر تشغيل قطاعات مختلفة كالكهرباء والزراعة والصحة. كما يؤدي إلى تطويع الحوثيين بالضغط عليهم، للقبول بما تمليه عليهم أجندات السياسة الأمريكية. فقد جاء شن الغارات على ميناء رأس عيسى، بعد 13 يوماً من دخول تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية حيز التنفيذ في 05 نيسان/أبريل الجاري.
بعد سلسلة الغارات الأمريكية على ميناء رأس عيسى النفطي حط المبعوث الأممي رحاله في عُمان يوم الخميس 24 نيسان/أبريل الجاري، للقاء مسؤولين حوثيين. وجاء في بيان صادر عن مكتبه على منصة إكس أنّه اجتمع "اليوم في مسقط مع كبار المسؤولين العمانيين وأعضاء من قيادة أنصار الله وممثلي المجتمع الدبلوماسي". وأضاف البيان "ركزت المناقشات على أهمية استقرار الوضع في اليمن لتمكين جميع اليمنيين من العيش بكرامة ورخاء، ومعالجة المخاوف المشروعة لجميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المنطقة والمجتمع الدولي" ولم ينس مطالبته الوقحة الإفراج عن موظفيه الجواسيس الـ13.
لماذا كل هذا التخبط بين الأمم المتحدة، واستقبال مبعوثها الذي أشقانا صراع طرفيها البريطاني والأمريكي على اليمن؟ ألا نعرف عدونا إلى اليوم؟ أين الراية التي نقاتلهم بها، راية صنعها لنا مارك سايكس، وضعناها مكان راية العُقاب راية رسول الله ﷺ التي دخل بها مكة في السنة الثامنة للهجرة؟! إذا أردنا قتالهم، وأن ينصرنا الله عليهم، فلنرفعها بيد خليفة راشد على منهاج النبوة.
رأيك في الموضوع