قُتِل يوم الخميس 28 آب/أغسطس المنصرم رئيس وزارة التغيير والبناء أحمد غالب الرهوي، ومعه تسعة من الوزراء، هم وزير العدل وحقوق الإنسان مجاهد أحمد عبد الله علي، ووزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار معين هاشم أحمد المحاقري، ووزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية رضوان علي علي الرباعي، ووزير الخارجية والمغتربين جمال أحمد علي عامر، ووزير الكهرباء والطاقة والمياه علي سيف محمد حسن، ووزير الثقافة والسياحة علي قاسم حسين اليافعي، ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل سمير محمد أحمد باجعالة، ووزير الإعلام هاشم أحمد عبد الرحمن شرف الدين، ووزير الشباب والرياضة محمد علي أحمد المولد. فيما لا يزال عدد آخر من الوزراء بين إصابات خطيرة ومتوسطة، بينهم جلال الرويشان نائب رئيس الوزارة لشؤون الدفاع والأمن. وقد صرح كيان يهود بأنه هو من قام بالعدوان، مستهدفاً وزير الدفاع محمد العاطفي، ورئيس هيئة الأركان محمد عبد الكريم الغماري.
إن هذا الاغتيال يذكرنا باغتيال رأس نظام الحكم في إيران إبراهيم رئيسي يوم 19 أيار/مايو 2024م، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية يوم 31 تموز/يوليو 2024م في طهران، فقد خطط المخطط لاصطياد الاثنين بسهم واحد، وعملية تفجير أجهزة البيجرات في لبنان يومي 17 و18 أيلول/سبتمبر 2024م، التي انتهت بمقتل حسن نصر الله أمين عام حزب إيران في الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 أيلول/سبتمبر 2024م، وهاشم صفي الدين في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2024م، في غارات جوية شنها كيان يهود. وما يجمعها أكثر هو أنها جميعها ارتبطت بتغلغل عناصر الموساد في جهاز مخابرات إيران منذ تأسيسه عام 1953م، وحتى اليوم. فقد توزعت عدواه في جميع الجهات التي تربطها صلات بطهران، ولعلنا نتذكر خبر إلقاء القبض على عناصر حوثية ذات صلة بالموساد، لدى عودتهم من الأردن، بتاريخ 06 كانون الأول/ديسمبر 2024م في مطار صنعاء.
بالمقارنة بين هجمات الحوثيين على كيان يهود ورده عليها، بلغت هجمات الحوثيين الصاروخية على أهداف في فلسطين المحتلة خلال قرابة عامين آلافاً ثلاثة، أدّت إلى أضرار اقتصادية، كإغلاق ميناء أم الرشراش "إيلات"، وتخلف الرحلات الجوية في مطار اللد "بن غوريون"، وانقطاع السفن من بلوغ موانئ فلسطين المحتلة، عبر مضيق باب المندب، دون أن توقع خسائر بشرية، عدا قتيل واحد، فيما رد كيان يهود خلال عام واحد بـ16 هجوماً على أهداف في العاصمة صنعاء كالمطار، ومحطات كهرباء ذَهْبان وحِزْيَز، ومحطة شركة النفط، ومدينة الحديدة الساحلية كالميناء وخزانات المحروقات، كانت حصيلة آخرها قتل نصف حكومة الحوثيين، وإصابة آخرين.
هكذا تكون وزارة التغيير والبناء قد قضت سنتين من سنين أهل اليمن العجاف، سنة لاختيارها في الحكم خلفاً لوزارة الإنقاذ؛ من الإعلان عن تغيير جذري في الاحتفال بالمولد النبوي 1445هـ، إلى المناسبة نفسها في 1446هـ، اقتصر على تشكيل وزاري، وسنة قضتها في الحكم، إلى الاحتفال بالمولد النبوي لهذا العام 1447هـ، لا يزال معها أهل اليمن في ضنك من العيش.
بهذا الحدث هل سيتخلى الحوثيون في تشكيل وزارتهم الجديدة المقبلة، عن مشاركة حليفهم الرئيس في الحكم حزب المؤتمر الشعبي العام، ويشكلون وزارة حوثية خالصة، بعد أن أصدرت المحكمة العسكرية المركزية في صنعاء يوم 31 تموز/يوليو 2025م، حكمها بالإعدام على أحمد علي عبد الله صالح، ومصادرة ممتلكاته، بتهمة الخيانة والتخابر مع العدو، بعد عام بالتمام والكمال، من رفع العقوبات الدولية عنه في مجلس الأمن بتاريخ 31 تموز/يوليو 2024م، تمهيداً لتوليته مناصب حكومية قادمة في اليمن، بعد المفاوضات المزمع عقدها بين صنعاء وعدن، التي تدفع بها القوى الدولية المتصارعة على اليمن، وتنعكس في متابعات المبعوث الأممي لعقدها، بعد تعثرها عامين جراء الحرب على غزة؟ أم أنهم لا يستطيعون، لأن اللاعبين الدوليين الحقيقيين اللذين يديران صراعهما على اليمن، يتفقان على التقاسم، بعد أن لم تنجل معارك الطرفين المحليين، والدعم الإقليمي لكلٍ منهما، عن نصر مؤزر لمصلحة أحدهما؟!
مضايقة الحوثيين لشريكهم في الحكم المؤتمر الشعبي العام، استمرت باقتحام قواته لفض اجتماع للأمانة العامة للمؤتمر في مقرهم معهد الميثاق. ثم إجباره على الإعلان عن إلغاء الاحتفال هذا العام بالذكرى السنوية الثالثة والأربعين لتأسيسه في 24 آب/أغسطس، وإقرار اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام في 28 آب/أغسطس 2025م على تجريد أحمد علي عبد الله صالح من عضوية حزب المؤتمر، الذي شغل فيه سابقاً منصب نائب الرئيس، مع التحذير لكل من تسول له نفسه الوقوف مع العدو، أو الانخراط في مؤامراته.
لقد برز اليمن على ساحة الأحداث السياسية، منذ مطلع الألفية الجديدة، كساحة للصراع الدولي عليه، بين أمريكا التي زادت الضغط عليه واستهدفته بغية إدخاله تحت نفوذها السياسي، بعد سلخه عن نفوذ بريطانيا السياسي، كي يكون رديفاً للسعودية في عهد سلمان بن عبد العزيز، وابنه محمد، أو تمزيقه إن استعصى، كي لا يشكّل خطراً على الرياض وعلى المنطقة.
إن اليمن وأهله لن ينعموا بالأمن والأمان تحت وطأة الصراع الدولي الأمريكي البريطاني، الذي لم يتوقف خلال أكثر من ستة عقود، متخذاً صوراً وأشكالاً متعددة، ولكنهم سينعمون بهما في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؛ لذلك عليهم أن يسارعوا إلى العمل مع حزب التحرير لإقامتها.
رأيك في الموضوع