مساء الاثنين الماضي وصبيحة الثلاثاء اندلعت اشتباكات شديدة جنوب طرابلس الغرب بين قوتين لمجموعتين كبيرتين هما مليشيا دعم الاستقرار ومليشيا اللواء 444، بعد الإعلان عن مقتل قائد مليشيا دعم الاستقرار عبد الغني الككلي في معسكر التكبالي التابع لمليشيا اللواء 444 في مشادة كلامية تطورت إلى استعمال السلاح بين الككلي من جهة ومحمود حمزة قائد اللواء 444 ومعه وزير داخلية حكومة طرابلس عماد الطرابلسي ووكيل وزارة الدفاع عبد السلام الزوبي قائد اللواء 111، فقُتِل الككلي على الفور، وأدى هذا الاشتباك إلى انهيار مليشيا دعم الاستقرار في الليلة نفسها، ثم انتقلت في اليوم التالي الثلاثاء إلى اشتباكات بين اللواء 444 وقوة الردع التي يقودها عبد الرؤوف كاره "المدخلي" النهج والتفكير والتمويل، حتى يوم الخميس
اجتمع خليفة حفتر قائد القيادة العامة، كما أطلقت عليه قرارات عقيلة صالح سيئ الذكر رئيس برلمان طبرق، مع نائب وزير الدفاع الروسي
بدأ توجه تركيا "المعلن" لبناء علاقات مع السلطات المهيمنة على شرق البلاد منذ ستة أشهر تقريباً حين أعلنت عن فتح قنصلية لها في بنغازي شرق ليبيا عند السلطات التي تأتمر بأمر حفتر وأبنائه، ومن المعلوم أن دخول تركيا العسكري إلى ليبيا تم سنة 2019 زمن حكومة السرّاج وذهاب السرّاج إليها وتوقيع اتفاقية التعاون العسكري معها في وقت القتال الدائر مع قوات حفتر قريباً من طرابلس، والكل يعلم أن تلك الاتفاقية والدخول العسكري التركي دفاعاً عن سلطات طرابلس كان بإذن من أمريكا ودفعها لإرجاع حفتر عن طرابلس والمناطق الغربية بعد فشله في أخذ الغرب الليبي وطرابلس سريعاً في غفلة من أهلها والوجود المسلح فيها.
وبالتالي أصبح إبقاء البلاد بين الغرب والشرق يخضعان لسلطتين متحاربتين هدفاً
تعصف بالبلاد خلافات سياسية عميقة بين الأطراف الموجودة الفاعلة على الساحة الليبية، وأحدثها الصراع على من يملك السيطرة على سياسة المصرف المركزي، ومحاولة كل طرف من الأطراف المحلية السيطرة عليه ليسهل له استعمال المال العام في سبيل السيطرة على حَمَلَةِ السلاح في البلاد عن طريق الرشاوى والدعم المالي وشراء الذمم من هذه المليشيات وحَمَلَة السلاح.
ويتبين بوضوح أن هذا الصراع وهذه الخلافات مسموح بها، أو قُل موجهة بدقة من الأطراف الدولية، ولا زالت حتى الآن هذه الصراعات تحت الرعاية الأمريكية على وجه الخصوص وبشكل مباشر.
ولا أدَلّ على هذه الحقيقة من صدور بيان من نورلاند
يتردد هذا الأيام في وسائل الإعلام المحلية وبعض وسائل الإعلام الإقليمية كثيراً خبر إعلان مجلس الرئاسة الليبي عن عزمه تقديم مبادرة
ما كان استمرار الأزمة في ليبيا وتفاقمها إلا بفعل التدخل الأجنبي المستمر فيها حتى بات واضحاً أنه لم يعد للأطراف المحلية المتنازعة من دورٍ حاسم في حل الأزمة على أي وجه كان، وقد أدى هذا لتقديم مشاريع شتى ظاهرها حلٌ للأزمة
في بيان نشر على صفحة ليبيا أوبزرفر: "السفارة الأمريكية في ليبيا تدعم التجميد المؤقت لعائدات النفط الليبي".
انعقد مؤتمر باريس 3 لدعم الحل في ليبيا بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر، وقد نُشر البيان الختامي يوم الجمعة 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، وجاء البيان باهتا مغرقا في العموميات، ويعكس حالة الصراع الدولي والاستقطاب للأطراف المحلية
غالباً بعد الإطاحة بالحاكم الظالم ومغتصب السلطة - بالاستعانة بقوى الشرّ - تستمر الفوضى زمناً قد يطول، وتظهر على السطح بقايا النظام البائد، من الذين كانوا طوع أمره في الهيمنة والإفساد الذي يفرضه على مجموع الناس، وهذه
الشك ما زال مخيماً على سير الأحداث في ليبيا والرأي العام غير واثق من حسن سير الأحداث ومن أنها تسير في اتجاه حل الأزمة في البلاد. وخصوصا أن مجمل الأحداث الأخيرة من المفاوضات والاقتراحات والإجراءات التي تمخض عنها نشوء السلطة
للاطلاع على احدث ما ينشر من الاخبار والمقالات، اشترك في خدمة موقع جريدة الراية للبريد الالكتروني، وستصلك آخر الاخبار والمقالات بدون ازعاج بإذن الله على بريدك الالكتروني