الأستاذ عبد الرحمن الواثق

الأستاذ عبد الرحمن الواثق

البريد الإلكتروني: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
الأربعاء, 15 نيسان/أبريل 2020 00:15

وعود الكاظمي لشعب العراق مجرد أوهام وسراب

إن المرء ليعجب مما آلت إليه أحوال العراق، فبات مثلاً للبلدان الفاشلة.. إذ يحتله عدو كافر، أقام القواعد العسكرية لتحصين قواته المحتلة عازما على بقاء طويل الأمد حرصا على مصالحه، ولحماية النظام الذي فرضه، فسادت في البلد شريعة الغاب ولم يعد للدولة وجود، ولا للعدل معنى، فشت فيه العصابات المسلحة

رغم حالة الاستعصاء وانسداد الأفق لإيجاد مخرج من أزمات العراق، التي ألقت بالبلاد في هوة سحيقة جراء تسلط طغمة فاسدة على مفاصل الحكم أحالت الحياة إلى جحيم يصعب العيش فيه، فدمر اقتصاد البلاد

 جاء تكليف محمد علاوي برئاسة الحكومة الانتقالية بعد حوارات طويلة بين مقتدى الصدر، وهادي العامري، ثم في إيران، وتعززت برعاية محمد كوثراني ممثل حسن نصر الله والمسؤول عن حزب الله العراقي، الذي أظهر حماسة كبيرة لتكليف علاوي بتشكيل الحكومة الجديدة. ورغم أن علاوي كان متهما إبان حكم المالكي بسرقة أموال وزارة الاتصالات.. لكنه من الشخصيات المقربة من إيران وحزبها في لبنان. كما تسربت أنباء من داخل الأوساط السياسية مفادها أن طهران وجهت تهديدا لذيولها

يكاد الشباب المعتصمون ينهون شهرهم الرابع وهم صامدون في ساحات الاحتجاج في العاصمة بغداد، وسائر المناطق في محافظات وسط وجنوب البلاد، متمسكين بمطالبهم، غير آبهين بقمع السلطات الحامية لمنظومات

دخلت انتفاضة تشرين في العراق شهرها الرابع، بإصرار أكبر على مواصلة الحراك الرافض لما هو قائم، والمطالب باستعادة (الوطن) الذي اختطفته أحزاب السلطة الفاسدة، مهما كان الثمن، كما يقول المحتجون والناشطون، لا سيما بعد التضحيات الجسام التي قدمها الشباب المنتفض منذ الأول من تشرين أول/أكتوبر 2019م حيث تم قتل وجرح حوالي 23 ألف شخص، وقد باتت تلك التضحيات ديناً

لا يزال الصراع محتدما في العراق بين جموع المتظاهرين منذ مطلع تشرين أول/أكتوبر من العام الجاري، بإصرارهم على التغيير وبشكل غير مسبوق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، وبوتائر متصاعدة

 تستمر احتجاجات العراق ضد فساد الطغمة الحاكمة بكل مستوياتها، وتشتد وتيرة التظاهر كما ونوعا لتبلغ أسبوعها الرابع، إذ يرفدها كل يوم المئات والآلاف من شرائح المجتمع على اختلاف مواقع التجمهر في بغداد أو محافظات الوسط والجنوب، وتنوع في الناقمين على كل من ساهم في تردي أوضاع العراق ليصبح من أوائل البلدان الفاشلة رغم توافر ثرواته الجمة، ولقد بينت منظمة الشفافية الدولية أن العراق من بين أكثر دول العالم فسادا على مدى السنوات الماضية. ولا يزال سكانه يشكون من نقص الخدمات العامة، رغم عشرات مليارات

تتواصل فعاليات المتظاهرين، وتتسع دائرتها، لليوم العاشر على التوالي منذ 25/10/2019 في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، إذ بات يرفدها يوميا شرائح إضافية من المجتمع كطلبة المدارس والجامعات، ونقابات

لا بد قبل الخوض في بحر الفساد الذي غرق العراق فيه، من الوقوف على ماهية الفساد وأنواعه التي إذا حلت في بلد، فإن مصيره سيؤول إلى خراب. فالفساد نقيض الصلاح، وهو عموما ظاهرة مركبة ومعقدة، تشمل الاختلالات التي تمس الجوانب الحياتية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والقيمية. فغياب العدل بين الناس فساد، وأكل الأموال بغير حق فساد، والحكم بغير شرع الله عز وجل من أعظم الفساد، ولا يقل جرما عنه تمكين الكافر من حكم المسلمين.

 لقد كانت نقلة نوعية، أبداها شعب العراق منذ الاحتلال الأمريكي البغيض يوم عزف عن المشاركة في انتخابات أيار/مايو 2018 في عموم محافظات البلاد، فتدنت نسبة المشاركة إلى 19% رغم التزييف الإعلامي، رافقها اعتراف رسمي بوقوع تزوير كبير، يجعل من اعتماد نتائجها أمرا مرفوضا لولا رضا من جانب المحتل الكافر ليُخرج منها حكومة فاشلة كسابقاتها، إدامة لمشروعه التدميري، وتلميعاً لوجوه كالحة السواد لم يعد بالإمكان قبولها لعظم فسادها، وسوء إدارتها لمؤسسات الدولة. ولعل امتناع الناس عن التعاطي مع الانتخابات الأخيرة جاء في ظل صحوة أتت بعد طول معاناة ويأس من بارقة أمل في تحسن الأوضاع المعيشية على مدى 15 عاما، وقد تؤتي هذه الصحوة أكلها لو وجد لها قائد موفق يعرف طريق الخلاص.

الصفحة 1 من 4