في ظل تكالب دول المنطقة المحيطة بالأرض المباركة فلسطين لإطباق الخناق على أهلها، والنيل منهم، ودفعهم إلى الرحيل عن أرضهم وتسليمها ليهود، يشكّل جسر الكرامة شريان الحياة الرئيسي لأهل فلسطين نحو العالم الخارجي. غير أنّ هذا المعبر، الذي يُفترض أن يكون وسيلة للتنقّل، قد بات مصدر معاناة يومية للمسافرين، خاصة على الجانب الأردني، حيث تتقاطع العوامل الإنسانية والإدارية والسياسية لتصنع مشهداً بالغ القسوة.
أوضح ذلك بيان صحفي للمكتب الإعلامي لحزب التحرير/ ولاية الأردن، والذي أضاف: فرحلة العبور في الاتجاهين عبر الجسر قد تمتد لساعات طويلة تصل أحياناً إلى أكثر من عشر ساعات، في ظروف تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الإنسانية. كبار السن والمرضى والنساء يعانون على نحو مضاعف، إذ لا تتوفر مقاعد كافية ولا أماكن مهيأة لانتظار مريح، بينما يزيد الحرّ الشديد صيفاً والبرد القارس شتاءً من ثقل التجربة على العابرين.
وتابع البيان: وما زاد الطين بلّة هو أنّ السلطات الأردنية أدخلت مؤخراً نظام الحجز المسبق عبر مكاتب سفر محددة، بزعم تخفيف الازدحام وتنظيم حركة المرور. غير أن الواقع أظهر أنّ هذا النظام تحوّل إلى وسيلة للاحتكار والفساد والتضييق على المسافرين؛ إذ يصعب على المسافر العادي الحصول على حجز قريب، ما فتح الباب أمام السوق السوداء وسماسرة التذاكر، وهم غالباً من رجال الدولة، وخصوصاً العاملين على الجسر نفسه. ويشكو المسافرون من أنّ سماسرة متعاونين مع بعض المكاتب يشترون التذاكر، ثم يبيعونها بأسعار مضاعفة. هذه الممارسة أصبحت عبئاً إضافياً على العائلات الفلسطينية التي تُجبر على دفع مبالغ باهظة مقابل الحصول على حجز عاجل، ما يكشف عن مؤامرة مدبرة ويفتح الباب للفساد والابتزاز، إضافة إلى تواطؤ النظام الأردني مع كيان يهود في عملية التضييق على أهل فلسطين لتهجيرهم قسراً وهرباً من جحيم السفر من وإلى الأرض المباركة.
وأضاف أيضا: وإلى جانب السوق السوداء، يعزز نظام الـVIP حالة من التمييز الواضح؛ فمقابل مبالغ مرتفعة، قد تتجاوز 150 ديناراً للشخص، يحصل المسافر على معاملة خاصة تشمل تجاوز الطوابير، واختصار الإجراءات، والتنقّل بحافلات مكيّفة. هذه الخدمة حوّلت العبور إلى مشهد طبقي؛ فمن يملك المال يمر سريعاً، ومن لا يملكه يبقى أسير الطوابير الطويلة. والمنتفعون من هذه الخدمة في الغالب هم رجال الدولة الأردنية المتعاونون مع يهود في استغلال الناس ونهب أموالهم وتقاسمها.
وأكد أنه: لا يقتصر الأمر على الازدحام والفساد، بل يتجاوز إلى بعد نفسي وسياسي أعمق؛ فالمعاناة على الجسر تُقرأ لدى الفلسطينيين كإذلال ممنهج، ورسالة غير مباشرة بأن حركتهم ليست حرة، وأن سفرهم مشروط بقدرتهم المالية أو بصبرهم على معاناة طويلة. وبدل أن يكون الجسر جسراً للوصل، أصبح رمزاً لفقدان الكرامة والتفاوت المجتمعي.
وختم البيان الصحفي: إنّ الناظر في حال الجسر يتبين له ملخّص المؤامرة التي يحوكها يهود ومعهم أدوات التنفيذ؛ السلطة الفلسطينية والنظام الأردني، بهدف التضييق على أهل فلسطين، والنيل من عزيمتهم وصمودهم، حتى يلجؤوا إلى الفرار من الأرض المباركة فتصفو ليهود. ويبقى النظام الأردني حارساً أميناً لهم على أطول حدود، فيما تظل السلطة الفلسطينية تعمل جاسوساً وذراعاً أمنياً عند يهود على من تبقّى من أهل فلسطين.
رأيك في الموضوع