عقد مجلس الأمن جلسة حول السودان بمقره في نيويورك يوم الجمعة 27 حزيران/يونيو 2025م، وجاءت كلمة الأمين العام المساعد لشؤون أفريقيا مارثا بوبي: (في الأسبوع الماضي، استمع مجلس الأمن إلى زملائنا في المجال الإنساني حول الوضع المتردي. ونحن نسعى إلى هدنة إنسانية متوقعة ومحددة زمنياً لتسهيل حركة المساعدات الإنسانية الآمنة من وإلى المناطق المتضررة من القتال الدائر، بدءاً من الفاشر، والسماح للمدنيين بالمغادرة طواعيةً وبشكل آمن.
وكشفت عن تكثيف المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان، رمطان لعمامرة الذي ظل على اتصال مباشر ومنتظم، مع مجموعة واسعة من المجموعات المدنية، تقديراً للدور الذي لا غنى عنه، والذي تلعبه في إيجاد مخرج من الأزمة الحالية، والأهم من ذلك، في تشكيل عمليات الانتقال المستقبلية في السودان.
كما استضاف الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأسبوع الماضي، الاجتماع التشاوري الرابع لتعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان. ومثّل هذا الاجتماع خطوةً مهمةً أخرى نحو تعزيز التنسيق والدعم السياسي.
تجمع هذه الآلية منظمات متعددة الأطراف، ودولاً أعضاء رئيسية، تعمل على الوساطة في السودان. ونحن بصدد وضع اللمسات الأخيرة على المشاورات الخاصة بنسختها الخامسة، التي سيُنظمها الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في أديس أبابا).
كلمة بوبي هذه يجب الوقوف عليها فهي لب ما يدور في السودان، الهدنة التي وافق عليها قائد الجيش الفريق البرهان لها قراءات عدة؛ منها منذ متى التزم طرفا الصراع، وبالأخص قوات الدعم السريع بالهدن الموقعة بينهما؟ ولماذا هي في الفاشر فقط، مع احتدام المعارك في مناطق أخرى من دارفور، وكردفان؟ أم أن سقوط الفاشر، لا قدر الله، يعني انفصال دارفور؟ مع العلم أن هناك خلافات نشبت أخيرا بين الجيش وحليفه القوى المشتركة، التي تستميت في الفاشر، فكان خلافهما بسبب تقاسم الكعكة؛ الحقب الوزارية.
إذاً تسعى الأمم المتحدة من خلال الهدنة إلى إفراغ الفاشر من أهلها، وذلك في قول بوبي: (السماح لمغادرة المدنيين طواعية وبشكل آمن)، هذه العبارة خطيرة، بمعنى أنكم إن لم تغادروا طواعية، ستغادرون جبرا! فقد ظل أهل الفاشر يدافعون عن مدينتهم، وفرض عليهم الحصار والجوع من أجل كسر عزيمتهم وشوكتهم، ويبدو أن هذه الحرب ستطول، ولن تحسم عسكريا، كما ظل يردد ذلك قادة الجيش ومن ورائهم أمريكا.
السيطرة العسكرية في كردفان تتأثر بالصراع المستمر بين الجيش السوداني، وبين قوات الدعم السريع، حيث يسعى كل طرف لتعزيز مواقعه، والسيطرة على مناطق استراتيجية. وإن الوضع العسكري في المنطقة يتسم بعدم الاستقرار، واستمرار المعارك والمناوشات بين القوات المتنازعة.
وتشهد ولايات كردفان (شمال، جنوب، وغرب) تطورات عسكرية وإنسانية متسارعة ومعقدة، مع استمرار الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بالإضافة إلى تحركات قوى أخرى مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.
في الوقت الذي تشهد فيه مدينة الأبيض ومحيطها مواجهات مستمرة.
أعادت قوات الدعم السريع انتشارها بشكل مكثف في شمال كردفان، متمركزة في مناطق مثل الدنكوج وخور طقت ورهيد النوبة، واقتحمت أكثر من 40 قرية في محيط الأبيض بهدف تضييق الخناق على المدينة الاستراتيجية.
أصبح الجيش السوداني يستهدف تجمعات قوات الدعم السريع جواً، لمنعها من الانتشار بأريحية في المناطق الشاسعة.
ويخوض الجيش السوداني معارك عنيفة في كبرى مدن جنوب كردفان، وأعلن عن بسط سيطرته على الدلنج، ثاني أكبر مدن الولاية.
الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال نصبت مدافع على مدن الدلنج، وكادوقلي، وأم برمبيطة، وبدأت في قصفها عبر المدفعية الثقيلة، وتسعى لقطع الطريق بين كادوقلي والدلنج للسيطرة عليه.
وأعلنت قوات الدعم السريع السيطرة على مناطق مثل الدبيبات، والحمادي في جنوب كردفان. أما في غرب كردفان فتشهد مناطق مثل النهود والخوي والدبيبات، معارك ضارية وأوضاعاً إنسانية كارثية.
كما أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، عن سيطرة قواتها على منطقة الدشول بولاية جنوب كردفان، السبت، ما أدى إلى إعادة إغلاق الطريق القومي بين الدلنج وكادوقلي. وأوضحت أن قواتها بدأت الهجوم على حاميتي الدشول والكرقل يوم الثلاثاء 17 حزيران/يونيو، وتمكنت من السيطرة على حامية الدشول، ثم تقدّمت إلى حامية الكرقل، قبل أن تستعيد القوات المسلحة المنطقتين لاحقاً. وأكدت الحركة أنها عاودت الهجوم على منطقة الدشول، وتمكنت من السيطرة الكاملة عليها، ما أدى إلى إعادة قطع الطريق القومي الرابط بين الدلنج وكادوقلي.
وتسببت الأحداث في شمال وغرب كردفان في نزوح الآلاف من السكان، ووصل عدد النازحين داخلياً إلى أكثر من 300 ألف نازح، يعيشون في مراكز إيواء مزدحمة وغير مجهزة.
نقص الغذاء والماء والدواء: تعاني العديد من المدن والمناطق من حصار خانق، أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية، ما ينذر بمجاعة مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل كبير، وانهيار الخدمات الأساسية وانقطاع الاتصالات والكهرباء ومياه الشرب في العديد من المناطق، ما يزيد من معاناة السكان.
وتزداد المخاوف من انتشار أمراض مثل الكوليرا، حيث سجلت وفيات نتيجة لذلك، في مدن مثل العاصمة الخرطوم، خصوصاً مع غياب المياه النظيفة، ونقص المرافق الصحية والأدوية.
يا أهل السودان: ألم تدركوا بعد من المستفيد من هذه الحرب اللعينة التي قضت على الأخضر واليابس؟ هي أمريكا، وتنفذ المؤامرة بأيدي أبناء جلدتنا من العسكر والمدنيين، فخذوا على أيديهم لتنجو بلادنا وبلاد المسلمين من جور الأنظمة الظالمة، ونقيم دولة العدل؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع