أصدر الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع المرسوم رقم 66 لعام 2025 القاضي بتشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، حيث شمل القرار أربع مواد ومنها تشكيل لجنة باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب من عشرة أعضاء ورئيس، وتشرف هذه اللجنة على تشكيل هيئات فرعية ناخبة تنتخب ثلثي الأعضاء، ويعين الرئيس ثلث الأعضاء الباقين، كما يبلغ عدد الأعضاء ١٥٠ عضوا موزعين على جميع المحافظات.
إن قواعد الحكم في الإسلام ثابتة لا تتغير، ومنها أن السيادة للشرع والسلطان للأمة، فالإسلام هو النظام الذي جاء به محمد ﷺ من عند ربه إلى البشرية جمعاء لتطبيقه عليها، فالتشريع للخالق سبحانه وتعالى وليس للعباد، وللمسلمين الحق في اختيار من ينوب عنهم في تطبيق الإسلام، وحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وليس لهم الحق في التشريع مطلقا لا هم ولا الحاكم. فالتشريع حق للخالق فقط ولا دخل للمخلوق فيه ولا يمكنه أن يعترض عليه، بل ينفذ أوامر الله ويجتنب نواهيه، فخالق الإنسان هو أعلم بما يناسبه، قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
وعليه فإن مجلس الشعب في بلاد المسلمين بواقعه الحالي، يخالف ديننا الحنيف ويقر بجعل مجموعة من البشر المنتدبين من الناس على حد زعمهم يصبحون هم المشرعين من دون الله ويصوتون في بعض الأحيان على أحكام شرعية قطعية الثبوت قطعية الدلالة كما حصل في البرلمان التونسي وما يحصل في جميع الدول، والجميع يعلم أن هذه الأنظمة اغتصبت سلطان الأمة وفرقت جمعها. أما في ظل وجود دولة إسلامية تحكم بالإسلام كاملاً فإن مجلس الأمة موجود وله دوره وضوابطه بموضوع الشورى والمحاسبة ونقل هموم الأمة وصوت أبنائها، فلكل عضو من أعضائه الحق في التكلّم، وإبداء الرأي كما يشاء دون أي حرج، في حدود ما أحَلّه الشرع. فالعضو وكيل ينوب عن المسلمين في إعطاء الرأي، وفي المحاسبة وغيرها.
إن لفظة "برلمان" أو "مجلس الشعب" هي مصطلح غربي صُدرت لنا عقب هدم دولة الخلافة، وبعد أن مزق الغرب الكافر بلادنا وجعل عليها حكاما عبيداً نواطير له وولّاهم أمرنا عنوة، وجعل يزين هذه الفكرة بدخوله من باب الشورى في الإسلام وتمييع الحقائق واستغل ضعف الناس فكرياً في أواخر الخلافة العثمانية وبعد هدمها، فالشورى والبرلمان أو مجلس الشعب ضدان لا يلتقيان، فالشورى ليست تشريعا أو تصويتا على حكم، فهي في الأمور المباحة أو التي أجاز الشارع فيها أخذ رأي عامة الناس أو جعل السلطان لهم فيها مثل تنصيب الخليفة، فجعل القرار لهم في اختيار من ينوب عنهم في تنفيذ شرع الله، وعليه فالشورى ليست تشريعا، أما مجلس الشعب فإنه يقر التشريع من دون الله والعياذ بالله.
وعليه فإننا اليوم في سوريا وبعد أن منّ الله علينا بسقوط الطاغية وجب علينا أن نحافظ على إنجازاتنا وأن نتوّجها بحكم الإسلام، فهذا هو المطلب الأساسي الذي طالب به أهل الشام منذ أول يوم خرجوا فيه إلى الساحات ونادوا "هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه"، "قائدنا للأبد سيدنا محمد"، "الشعب يريد خلافة إسلامية". فهذه هي مطالب من ثاروا وقدموا التضحيات والدماء وقُتِلوا وهجروا في سبيل هذه الغاية وهم أصحاب السلطان وهم من يختارون من ينوب عنهم في الشورى والحكم، لا أن يتصدر المشهد بعض أزلام النظام السابق وأزلام الغرب عبر مجلس الشعب وغيره!
وعليه فإن رسم الخط المستقيم بجانب الخط الأعوج هو سنة النبي ﷺ في التغيير، وتطبيق الإسلام تطبيقا انقلابيا شاملاً هو الحل الوحيد للتخلص مما نحن فيه من الذل والهوان وتربص ومكر الأعداء بنا، فلا يتوج تضحياتنا إلا حكم الإسلام في ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فهي صمام الأمان وبها يمكّن الله لدينه ويعز أهله، ويخرج البشرية جمعاء من ظلمات الحكم الجبري إلى نور الإسلام وعدله، وما ذلك على الله بعزيز. قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً﴾.
رأيك في الموضوع