إن هيمنة روسيا في آسيا الوسطى، بما في ذلك قرغيزستان، استمرت حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وقد دأبت روسيا دائماً على قمع السخط الشعبي في البلاد عبر استبدال الحكام الدمى. إلا أنها وبسبب الحرب في أوكرانيا التي بدأت عام 2022، اضطرت إلى تخفيف سياستها من أجل إبقاء آسيا الوسطى في دائرة نفوذها. ونتيجةً لذلك، عززت قرغيزستان تعاونها مع الصين وفتحت بعض الأبواب أمام الغرب. ويتجلى ذلك في توقيع اتفاقية استراتيجية مع الصين، وتسليم جميع موارد البلاد المهمة لتصرف الشركات الصينية، ونمو التجارة بين البلدين بوتيرة متسارعة. كما تم رسمياً إطلاق مشروع خط السكك الحديدية بين الصين وقرغيزستان وأوزبيكستان، الذي عرقلته روسيا لعقود من الزمن، في 27/12/2024.
علاوة على ذلك، في 25/6/2024، وقّع النظام القرغيزي اتفاقية استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي بشأن تعزيز الشراكة والتعاون. وفي إطار هذه الاتفاقية، وُقّع عدد من الاتفاقيات الثنائية، ما فتح الباب أمام أوروبا لتوسيع نفوذها في البلاد. وفي غضون ذلك، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في 3/4/2025، خلال قمة الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى في مدينة سمرقند بأوزبيكستان، عن حزمة استثمارية بقيمة 12 مليار يورو لآسيا الوسطى كجزء من مشروع البوابة العالمية. ولم يتوقف النظام القرغيزي عند هذا الحد، بل خلال زيارة رئيس الوزراء عادل بك قاسم علييف إلى واشنطن في نيسان/أبريل الماضي، عُقدت مفاوضات حول استخراج المعادن الأرضية النادرة. كما نوقش مشروع محطة الطاقة الكهرومائية كامبار-آتا 1.
إن هذه الأمور كلها أثارت قلق الكرملين ودفعته إلى تغيير سياسته تجاه المنطقة، التي يعتبرها مزرعته الخاصة. على وجه الخصوص، بعد تولي ترامب السلطة، تعزز موقع روسيا على الساحة الدولية، وإن كان مؤقتاً، ما هيأ الظروف المناسبة للاهتمام بآسيا الوسطى. وقد بدأت بوادر ذلك تتجلى أولاً في تشديد القوانين ضد العمال المهاجرين في روسيا. وبعد ذلك قامت عناصر من قوات الأمن الروسية بالاعتداء على العمال المهاجرين القرغيز،. وبالتوازي مع هذه الأحداث، اعتقل النظام القرغيزي عدة أشخاص يُشتبه في محاولتهم القيام بانقلاب في البلاد. وبعد ذلك، اعتقل جواسيس روس، ووضع بعضهم قيد الإقامة الجبرية.
ختاما أيها المسؤولون القرغيز: إن القوانين المناهضة للإسلام التي تصدر لإرضاء المستعمرين لن تُرضيهم أبداً. لذا، حقِّقوا سعادة الدنيا والآخرة بالتوكل على الله وحده.
رأيك في الموضوع