على وقع حرب يهود وإجرامه في حق أهلنا في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن، يجتمع رهط الأذلة في العاصمة العراقية بغداد للتآمر على الإسلام وأهله، في مؤتمر القمة العربية الاعتيادية بدورتها الـ34. ثلاث وثلاثون قمة سبقتها منذ تأسيس جامعة الدول العربية على يد بريطانيا، ثم اختراق أمريكا لها، لتكون مطبخاً للتآمر على الأمة وقضاياها، وطريقا للكافر المستعمر في تنفيذ إرادته ومشاريعه في المنطقة، تخرج قراراتها باهتة مائعة غير قابلة للتطبيق إلا ما فيه خذلان ودمار لأمة الإسلام.
فيا أشباه الرجال رويبضات هذا الزمان، إن أربعمائة مليون مسلم تقريباً يتوزعون في 22 بلداً وعلى مساحة تزيد عن 13.5 مليون كم2، ويمتلكون ثروات طبيعية هائلة، ويعتقدون عقيدة واحدة ينبثق عنها نظام يشمل جميع مناحي الحياة وينظمها، وينتظر منهم نحو ملياري مسلم أن يتوحدوا على نظام وكيان وقائد واحد يقودهم ويعيدهم سادة للعالم أجمع. فأنتم من أصم آذاننا بتصريحاتكم التي جعلتنا في ذيل الأمم، فبلاد المسلمين مسارح للحروب والقتل والتدمير والتشريد والتهجير والفقر والنهب، فأنتم لا تملكون أن تغيروا من الواقع شيئا، ولا تجرؤون على اتخاذ قرار واحد يخالف رغبات أسيادكم، وإن صدر عنكم شيء من ذلك فهو خداع وسراب لتمرير ما هو أخطر أو لامتصاص غضبة الشعوب وتثبيط معنوياتهم، فأنتم حراس ونواطير لغرب كافر استعمرنا وقسمنا ويحرص على بقاء فرقتنا، ويغذيها خوفا من توحدنا وعودتنا لمصدر عزتنا وقوتنا.
إدانة، استنكار، مناشدة للنظام الدولي، إقرار ببيع فلسطين وأهلها، تآمر وخذلان وذلة ما بعدها ذلة، هذا هو ديدنكم وهذه هي أفعالكم، تحرفون بوصلة المسلمين عن الحل الناجع العملي لحل قضاياهم، فأنتم كأسلافكم ممن خان وتآمر عبر التاريخ كشاور الفاطمي الذي سلم القدس لعباد الصليب، ولم ينفع معه إلا السيف ينهي وجوده وتآمره. فالفضيلة والعزة لها أهلها الذين يعرفون قدر فلسطين وقدسيتها، ويعرفون عظمة دماء المسلمين وكرامتهم، وأنتم لستم من أهلها، فخبتم وخاب مسعاكم، فالأمة لا تعول عليكم في شيء وقد تجاوزتكم، ولم يبق لكم من أتباع إلا من قبل أن يشتري بدينه دنياكم مقابل فتات موائدكم، ﴿خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
أيها المسلمون، إن رهط الأذلة هؤلاء قد جعلوا أمن كيان يهود المسخ أولى أولوياتهم، وتنافسوا فيما بينهم في خدمته وتقديم الدعم له، ومده بكل احتياجاته من غذاء ودواء وطاقة، وجعلوا أهل فلسطين ومجاهديها وأسلحتهم أساس المشكلة، معتبرين جهادهم إرهاباً، عاملين على كسر شوكتهم ودفعهم إلى الاستسلام تحت غطاء وقف سفك الدماء وإعادة الإعمار والكلام المبتذل عن حل الدولتين والقرارات الدولية، قاتلهم الله أنى يؤفكون!
أيها المسلمون، ألم تشاهدوا كيف تلقى هؤلاء الحكام الرويبضات الصفعة تلو الصفعة من أمريكا ويهود، وكيف تم إذلالهم دون أن يحسوا أو يرف لهم جفن، وكيف تمادوا في فجورهم واستقبلوا علج أمريكا ترامب في بلاد الحرمين وانهالوا عليه بالمليارات، بل اندفع عدو الإسلام وأهله ابن زايد فأغلق المسجد الذي سيمر به موكبه عند قدومه لدويلته، فبالله عليكم ماذا ترجون منهم بعد ذلك؟!
إن هؤلاء الأنذال المتآمرين لم يعودوا جهة للمخاطبة ولا أهلا للنداء، فهم قد اصطفوا منذ زمن بعيد في فسطاط الكفر وأهله ضد أمة الإسلام، وليعلم أن من يقبل أن يسير على شاكلتهم متزلفاً ومرتمياً في أحضان الدول الغربية طمعاً وتمنياً بقبوله، مقدما لهم كل التنازلات عن بلاد الشام وخيراتها وأهلها بحجة عدم المقدرة على التغيير والمواجهة، متناسيا أنهم هم السبب في كل مآسينا وما حل بنا طوال هذه السنين الطويلة وما لأجله خرج المسلمون ضد حكامهم، ومتناسيا أن عقيدة الغرب تناقض عقيدة الإسلام، ومهما قدم لهم من تنازلات ودماء وثروات فلن يرضوا عنه كما لم يرضوا عن الحكام نواطيرهم بعد أن استنفدوا دورهم، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾، وفي ذلك الخسران المبين.
أيها المسلمون: إن حل المشاكل التي حلت بكم منذ مائة سنة عجاف ونيف، هو بأيديكم، فقد آن لكم أن تتخلصوا من حكامكم الرويبضات الذين لا يوفرون لحظة واحدة في تكريس وتعميق تمزقكم وتشرذمكم، ولا يوفرون جهدا في العمل على قهركم وتضييع حقوقكم وبلادكم وهدر مقدراتكم، وإعادة تكبيلكم بقيود الخوف بعد أن كسرتموها، وتمكين عدوكم منكم، وآن لكم أن تسمعوا وتعوا ما يقوله إخوانكم شباب حزب التحرير، الرائد الذي لا يكذب أهله، ومشاهدتكم بأم عينكم لفئة قليلة في غزة العزة آمنت بربها وتوكلت عليه، كيف أذلت يهود وفضحت تواطؤ نواطير الغرب على الإسلام وأهله.
إن الحل بأيديكم وليس بيد الجامعة العربية ورهطها الذليل وذلك بأن:
- تجتمعوا على كلمة سواء، وهي التمسك بالعقيدة الإسلامية ونبذ ما سواها.
- تشدوا في خطابكم لأبنائكم وآبائكم وإخوانكم في جيوشكم وتحثوهم على قطع حبالهم مع الحكام الرويبضات وربطها مع الله تعالى، ثم إعطاء النصرة لحزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تحرك الجيوش لاقتلاع كيان يهود من جذوره، وتقطع يد الغرب وأذنابه عن بلاد المسلمين، وتنشر العدل والطمأنينة في بقاع الأرض، وبغير ذلك ستبقى بلادكم مستباحة، ودماؤكم تسفك وأعراضكم تنتهك. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.
بقلم: الدكتور عبد الإله محمد – ولاية الأردن
رأيك في الموضوع