استضافت العاصمة المصرية القاهرة، مساء الأربعاء 16/7/2025 اجتماعاً رفيع المستوى بين مسئولين من مصر وليبيا والسودان، لتبادل الرؤى بشأن التحديات والتطورات الأمنية في المنطقة، بحسب تقارير إعلامية، وبينما لم يصدر أي بيان رسمي عن تلك المحادثات، أفاد مصدر مصري مطلع لـ"الشرق الأوسط"، بأن الاجتماع هدفه الأساسي كان بحث وضع آلية مشتركة بين الدول الثلاث، لضبط الأمن في منطقة المثلث الحدودي، والحفاظ على استقرار الأوضاع بها.
لم يكن هذا الاجتماع الذي ذكره تقرير الشرق الأوسط، هو الأول من نوعه، فقد سبقته اجتماعات أخرى، فمنطقة المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا، تشهد منذ أسابيع مضت تطورات ميدانية وسياسية متسارعة، نظراً لأهميتها وتأثيرها على مسار الحرب الدائرة في السودان، خاصة إذا علمنا أن قوات خليفة حفتر، أو ما يسمى بالجيش الوطني الليبي، تمد قوات الدعم السريع بالسلاح والعتاد العسكري، وقد شهدت الفترة الماضية تبادل الاتهامات بين القوات المسلحة السودانية، والجيش الوطني الليبي، بشأن ما يتردد عن دعم قوات حفتر لقوات الدعم السريع بالسودان في تنفيذ هجمات حدودية، وتركزت الاتهامات بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر على منطقة المثلث الحدودي.
بدأ تصاعد الأحداث عندما اشتبكت وحدة من كتيبة سبل السلام السلفية، التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر مع عناصر سودانية من القوات المشتركة، معززة بقوات من الجيش السوداني، حدث ذلك في منتصف شهر حزيران/يونيو الماضي، عندما أعلنت قوات الدعم السريع استيلاءها على المثلث الحدودي، الذي كان يقع تحت سيطرة الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني، أو ما يسمى بالمشتركة، وكان الجيش يحتفظ بوجود محدود ثم انسحب من المنطقة بدعاوى أنه أخلى المنطقة ضمن الترتيبات الدفاعية التي تهدف إلى صد العدوان.
ولفهم أهمية منطقة المثلث الحدودي بالنسبة لقوات الدعم السريع أو الحركات المسلحة، فإن هذا المعبر قبل استيلاء الدعم السريع عليه، كان معبراً لتموين القوات المشتركة التي تساند الجيش في حربه ضد قوات الدعم السريع، وهذه القوات في أصلها هي تابعة لبريطانيا، وكانت تحارب نظام عمر البشير، وبعد سقوطه عام 2019 وقعت هذه الحركات مع غيرها من الحركات المسلحة ما سمي باتفاق سلام جوبا في تشرين الأول/أكتوبر 2020م، مع الحكومة الانتقالية، ودخلت في شراكة حكومية مع الحكومة، فأصبحوا حكاماً ووزراء.
وعندما اندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، اختارت هذه الحركات الحياد، وعدم الانخراط في الحرب مع أي من الطرفين، لأنها كانت تعلم أن هذه الحرب تخص جماعة أمريكا. غير أنها اضطرت للدخول فيها إلى جانب الجيش ضد قوات الدعم السريع لإحساسها بالخطر على وجودها.
ففي تشرين الأول/أكتوبر 2023م، بدأت قوات الدعم السريع هجوماً على قيادة الجيش في الفاشر باستخدام الطائرات المسيرة، مصحوبا باشتباكات بالأسلحة القليلة.
وقبلها كانت قوات الدعم السريع قد أحكمت سيطرتها على كامل إقليم دارفور عدا شماله، وتحديداً مدينة الفاشر، باعتبارها عاصمة الولاية، وعاصمة الإقليم، فإذا سقطت في يد الدعم السريع، لم يعد لها مكان في السلطة باعتبارها قد فقدت الحاضنة الشعبية لها في دارفور، ثم إنها لم تدافع عنها، فقررت هذه الحركات وبخاصة حركة تحرير السودان بقيادة حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم، الانضمام في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 للقتال بجانب الجيش، وكانت الحرب بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت، لذلك استماتوا في الدفاع عن الفاشر حتى لا تسقط، ونشط داعموهم في مدهم بالأسلحة والعتاد، عبر المثلث الحدودي، ما حدا بأمريكا أن توعز لعملائها في المنطقة بقفل هذا المعبر، فكان تدخل حفتر عبر كتيبة السلام لتسليم المثلث للدعم السريع، ولتأكيد سيطرة رجال أمريكا على هذا المثلث الاستراتيجي.
تأتي كل هذه الاجتماعات التي بدأها رئيس مصر السيسي، حيث استقبل في 30 حزيران/يونيو كلا من خليفة حفتر والبرهان، في لقاءين منفصلين في اليوم نفسه في مدينة العلمين الجديدة على ساحل البحر المتوسط.
وواضح أن هذا الاجتماع كان لتنسيق الجهود حتى يبقى المثلث الحدودي تحت سيطرة أمريكا عبر رجالها، فمعروف أن حفتر والسيسي والبرهان وحميدتي جميعهم رجال أمريكا، وأغلب الظن أن قطع الطريق على الحركات المسلحة المشتركة القصد منه الإسراع بسقوط الفاشر في يد قوات الدعم السريع، لتهيئتها للانفصال لاحقاً، وهي في يد عميلها حميدتي، كما أن وقوع المثلث تحت سيطرة أمريكا يسهل على حفتر دعم قوات الدعم السريع بأريحية، فقد أشار تقرير لموقع مينا ديفانس، وذا أمريكا ريبورت، أن قوات حفتر فعلت قاعدة معطن سارة الجوية الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي قرب المثلث الحدودي مع السودان وتشاد، وقال الموقع إن القاعدة تحولت إلى مركز لوجستي متقدم، يربط بين الكفرة والحدود السودانية، ويستخدم في دعم عمليات غير معلنة لقوات الدعم السريع، عبر إمدادها بالذخيرة والوقود.
إن هذا الواقع الأليم؛ حيث أصبحت بلادنا مسرحا لمؤامرات أمريكا عبر رجالها الذين باعوا دينهم، وارتضوا أن يكونوا عملاء لأمريكا، ينفذون مؤامراتها على بلادنا، هذا الواقع لن يغيره إلا المخلصون من أبناء هذه الأمة، حين يعون على مؤامرات الكفار المستعمرين، وبخاصة أمريكا، على مقدراتنا عبر عملاء يتكشفون للأمة يوما بعد يوم، عندها يقومون بما يفرضه عليهم الإسلام العظيم من قطع يد الكافر المستعمر، العابث ببلادنا وأذنابه في الداخل، وإقامة نظام الإسلام الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فتشرق الأرض بنور الإسلام، ويقضى على كل عميل متخابر، متآمر على الأمة، أو متمرد عليها.
الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع