تزامناً مع الهدنة بين كيان يهود وحماس، زادت وتيرة العمل الدبلوماسي في اليمن، وزاد الضغط الدولي من أجل دخول الأطراف في مفاوضات سلام شاملة تقودها الأمم المتحدة، وأجرى المبعوث الأممي إلى اليمن غروندبرغ عدة محادثات مع مسؤولين يمنيين، ومع مسؤولين من الدول المشاركة في حرب اليمن (إيران والسعودية والإمارات ومن خلفهم أمريكا وبريطانيا) في كل من مسقط والرياض.
وطالب الحوثيون السعودية لتطبيق خارطة الطريق التي أعلنت عنها السعودية بمباركة أمريكية، والتي تعطي الحوثيين نصيب الأسد في النفوذ والثروة في البلاد، ومن جهته كرر وزير الخارجية السعودي أن خارطة الطريق جاهزة للتطبيق، في إشارة ضمنية إلى أن من يعرقل تطبيقها هي حكومة العليمي والمجلس الانتقالي الذي تدعمه الإمارات، وفعلا أعلن عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي أن خارطة الطريق تلك لم تعد مناسبة، وشدد مسؤولو الحكومة أن الحل ينبغي أن يكون على أساس المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار 2216 الأممي) والذي يعتبر الحوثيين مليشيا خارجة عن الشرعية وعليها تسليم السلاح!
وهكذا راوح الوضع في اليمن مكانه، إلا أن السعودية مؤخراً قامت بضغوط سياسية من أجل الدخول في مفاوضات سلام دون شروط لتنفيذ خارطة الطريق تلك، إلا أن الإنجليز لم يعجبهم ذلك لأن خارطة الطريق تلك تهمش دور حكومة العليمي والأحزاب المنضوية تحتها وتمكن الحوثيين والسعودية من إدارة البلاد خدمة لمصالح أمريكا، ولهذا أوعزت بريطانيا إلى الإمارات للتحرك العسكري عن طريق مجلسها الانتقالي إلى حضرموت، وقامت بتحريك العديد من الألوية من العاصمة المؤقتة عدن صوب حضرموت في خطوة كان ظاهرها مواجهة تمرد الشيخ القبلي عمرو بن حبريش الذي يطالب بحقوق حضرموت والذي دعمته السعودية بتشكيل 4 ألوية خارجة عن سيطرة الدولة تحت يافطة الدفاع عن حقوق حضرموت، ولما بدأت قوات المجلس الانتقالي بالتحرك صوب حضرموت، أوعزت السعودية إلى بن حبريش أن يدخل إلى منابع النفط في هضبة حضرموت تحت ذريعة حمايتها من القوات (الغازية) من خارج المحافظة، والتمترس هناك.
وفي مشهد متسارع وصلت قوات ضخمة إلى حضرموت إلا أنها تجاوزت الشيخ القبلي عمرو بن حبريش وواصلت طريقها صوب مدن وادي حضرموت (لتحريره من القوات الشمالية) التابعة لحكومة العليمي، وفي مشهد مسرحي انسحبت القوات الشمالية لتدخل قوات المجلس الانتقالي دون مقاومة إلى مدن الوادي الواحدة تلو الأخرى تحت شعار (التحرير)!!
هنا جاء الرد السعودي سريعا فتحركت قوات درع الوطن المتمركزة في وادي حضرموت واستولت على معسكر 23 ميكا ومنطقة العبر الواسعة التي ترتبط بحدود كبيرة مع السعودية، وأرسلت في الوقت ذاته وفدا رفيعا برئاسة القحطاني إلى حاضرة حضرموت المكلا ليوقع الوفد مع محافظ المحافظة اتفاق تهدئة تنسحب على أساسه قوات بن حبريش من منابع النفط، وتنسحب قوات الانتقالي وتعود إلى قواعدها خارج محافظة حضرموت، وهذا فيه إفشال واضح للخطة الإماراتية للسيطرة على كل محافظة حضرموت الغنية بالنفط مع محافظة المهرة المجاورة التي أعلنت تسليم معسكراتها إلى الانتقالي دون قتال.
إلا أن قوات الانتقالي لم تستجب لذلك الاتفاق وقامت بمهاجمة عمرو بن حبريش وإخراجه من القطاعات النفطية، ولا يزال الوفد السعودي مرابطا في محافظة حضرموت رافضا وجود قوات الانتقالي فيها ودافعاً بمحافظ المحافظة المعين حديثا إلى الطلب من حكومته إخراج قوات الانتقالي إلى خارج المحافظة أو التهديد بالاستقالة كي يشغر منصب المحافظة ويربك المشهد السياسي المرتبك أصلا، وفي الوقت ذاته، تحركت قوات درع الوطن التابعة للسعودية والمرابطة في المهرة واستولت على معسكرات ومؤسسات المحافظة ومنافذها الحدودية، وبهذا فشل المخطط الإماراتي للسيطرة على كامل محافظة حضرموت إلى حد بعيد، وتم استدعاء رئيس الحكومة رشاد العليمي إلى الرياض للتشاور، إلا أنه ليس من المتوقع خروج قوات المجلس الانتقالي بهذه السهولة وما زال في يدها الكثير من المناطق الحساسة داخل المحافظة مثل القطاع النفطي والموانئ والمطارات والجزر وغيرها.
إلا أنه ولأول مرة يحدث اشتباك دموي داخل حضرموت بالأسلحة الثقيلة، وسقط العديد من القتلى والجرحى من الفريقين، وجميعهم من أبناء المحافظة نفسها!
وهكذا فإن الاستعمار لا تعنيه الدماء النازفة طالما أنها ليست دماءه، فهناك من يستعد للقتال من أجل تحقيق مصالحه بثمن بخس، حتى لو كان على حساب الأخوة والدين والعقيدة!
يا أهل اليمن: إن الإسلام يحرم أن يقاتل المسلم أخاه المسلم إلا في حدود خاصة جدا جاءت أحكام شرعية تبينها، ولا ينطبق أي منها على واقع القتال الجاري في اليمن خدمة لمصالح الكافر المستعمر من أجل النفوذ والثروة في البلاد.
إن الحل يبدأ بالانفضاض عن القيادات المحلية جميعها دون استثناء لأنها لا تعمل إلا مستندة إلى قوى من خارج البلاد وتعمل لتحقيق مصالح غيرها، حتى لو رفعت يافطات لامعة مثل (الموت لأمريكا) أو (حقوق حضرموت) أو (التحرر من الشماليين)، فكل هذه الشعارات المناطقية الطائفية شعارات خداعة تخفي وراءها التبعية المطلقة للكافر المستعمر.
ثم ينتهي ذلك الحل بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي ستحقن دماء المسلمين وتحافظ على ثرواتهم وتطرد النفوذ الاستعماري وعملاءه من البلاد، وإننا في حزب التحرير ندعوكم إلى الالتفاف حول هذا المشروع العظيم الذي يتحقق به خير الدنيا والآخرة.






















رأيك في الموضوع