القتال ليس هو طريقة إقامة الدولة في الإسلام، ولكن من أثر الواقعية السقيمة التي تَقْلب الحق باطلاً والباطلَ حقا، أن أصحابها ينكرون على مَن يلتزم من الحركات والأحزاب الإسلامية طريقةَ رسول الله في العمل لإقامة الدولة
مثل هذه الحقائق مما حدث في الجزائر (وما ورد في الجزء الأول من هذا المقال)، تُبرز أهميةَ الوعي السياسي من زاوية الإسلام في العمل الجاد بقصد تصحيح أوضاع الأمة الإسلامية، وتكشف ألاعيبَ ومكائدَ الدول الرأسمالية الاستعمارية الخبيثة، التي يستحيل معها قيامُ كيان سياسي للمسلمين من شأنه أن يُعيد الأمورَ إلى نصابها في بلادهم الغنية بالثروات من كل صنف والواسعة بَشَرياً وجغرافياً، ويمكِّنهم من حمل رسالتهم إلى العالم ومن إيصال دعوتهم إلى شعوب الأرض، إلاَّ أن تمتلك نخبـُهم في مجملها فكراً سياسياً راقياً يعالج الواقعَ، ووعياً سياسياً على مستوى أو يفوق ما تمتلكه الدول الكبرى ونخبـُها.
مع بداية الانتفاضات الشعبية والثورات التي اجتاحت البلادَ العربية في هذه الآونة، بدت الجزائر كأنها تجاوزت خطرَ ثوراتِ الشعوب من أجل التغيير، على الأقل من منظور الرسميين، إلا أن النظام بات متخوفاً كغيره من الأنظمة في البلاد العربية خاصة، ويتوجس ويترقب الأسوأ بالنسبة له في كل حين، ما جعله (منذ فترة) يحاول استباقَ الوضع بمباشرة إصلاحاتٍ وتغييرات شكليةٍ عبر استشارات سياسية مسرحية مع مَنْ يختارهم هو مِن الشخصيات، ويسعى لتقديم تسهيلاتٍ مادية مغرية (رشوةً) للشباب في شكل قروض ووظائف وسكنات وغيرها، لعلها تمتص شيئا من غضبِ الشارع، كما باشر النظام إعادةَ تشغيل بعض المؤسسات العمومية المملوكة والتابعة للدولة، وبعث الحياة فيها (ذراً للرماد في العيون) في محاولة لتخفيف البطالة، وشراء السلم الأهلي.
للاطلاع على احدث ما ينشر من الاخبار والمقالات، اشترك في خدمة موقع جريدة الراية للبريد الالكتروني، وستصلك آخر الاخبار والمقالات بدون ازعاج بإذن الله على بريدك الالكتروني