قال رسول الله ﷺ: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ»، هذا هو الأصل في المسلمين الواعين على حقائق الأمور الشرعية المتنبهين للحقائق السياسية الميدانية، الحذرين من الوقوع في حبائل شياطين الإنس والجن. لكن للأسف ما زال كثير من المسلمين اليوم يلدغون من الجحر نفسه مرات ومرات بالرغم من فظاعة الألم وحدّة اللدغات في كل مرة!
فمنذ أن نصب الاستعمار على رؤوس المسلمين نواطير حراسا لمصالحه من أبناء جلدتنا يلبسون لباسنا ويتكلمون بألسنتنا ويزعمون الحرص على قضايانا، ونحن نصفع على مؤخرات أعناقنا في كل استحقاق مصيري بعد أن تمتلئ الساحات هتافا للزعماء الملهَمين من أفواه الغافلين، وتشحن القلوب العمياء ثقة بالقادة المخلّصين، فينجلي غبار المعركة عن لا شيء سوى هزائم نكراء وبيع للدماء والعباد والبلاد، وتثبيت لأركان العدوان تحت شعار "السياسة فن الممكن".
ولم تكد تستفيق الأمة من المسرحية المؤامرة التي مثلها جمال عبد الناصر سنين طويلة وانتهت بمأساة كبيرة وطعنة نجلاء في الظهر، حتى عاجلنا أردوغان بمثلها بل بأخبث منها، فباع الشام وأهلها ومزق شمل ثورة كادت أن تنجح، ليس في إسقاط طاغية الشام فحسب، بل في تغيير وجه المنطقة وإسقاط أحجار الدومينو في بلاد كثيرة، وتحرير فلسطين كاملة في طريقها لتحرير ما بعدها، كما حذر من ذلك كثير من أذناب الكفار.
ثم عاد دور طواغيت طهران وأتباعها من جديد في حرب غزة، ليتصدر المشهد في دور البطولة مخادعا من استطاع قدر الإمكان، تمهيدا لتمرير مشروع سيده الغربي وتحصيل الجوائز منه في صفقات معلنة وأخرى خفية، في عملية لا تمت إلى مصالح الأمة الإسلامية، ولا تخدم سوى أعدائها.
فيا أمة الإسلام: متى يموت فيك جمال عبد الناصر هذا؟ ومتى تلقمين حجرا كل من يتاجر بقضاياك، ويعبث بمشاعرك، ويستثمر بجراحاتك؟ ومتى تخرجين قدمك من الجحر، وتغلقينه إلى الأبد، كي لا تلدغي منه مرات أخرى؟!
رأيك في الموضوع