في يوم الاثنين الموافق 8/12/2025 قام المشير خليفة حفتر بزيارة سريعة إلى مصر يبدو أنها استدعاء من طرف السيسي له، تم خلالها، حسب الإعلام المصري، بحث الاستقرار في ليبيا، في الوقت الذي يعرف القاصي والداني عن السيسي أنه هو العامل الأهم في عدم استقرار ليبيا.
ولذلك يبدو أن حفتر ذهب بعد طلب مصري وجّه إليه للذهاب إلى مصر، وكانت أمريكا ترامب هي وراء هذا الاستدعاء لكي يبلغه السيسي جملة من الأوامر، خصوصا وأن الاجتماع كان بحضور مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد.
جاءت هذه الزيارة بعد طلب أمريكا من عملائها في السودان بضرورة وقف القتال، وقد يقول قائل وما علاقة حفتر بالحرب في السودان؟ حقيقة الأمر أن حفتر عامل من عوامل تسعير الحرب هناك؛ لتوفيره ممر تجارة السلاح إلى السودان، فهو من يشرف على نقل السلاح الروسي المدفوع ثمنه من الإمارات، ويتقاضى حفتر وأبناؤه عملات نقدية على نقله إلى حميدتي لقتل الشعب السوداني، حتى يصل السلاح إلى حميدتي في دارفور الموعود بإنشاء دويلة له فيها.
يجري الآن في طرابلس حراك تغذّيه بعثة الأمم المتحدة تحت عنوان التحضير لانتخابات برلمانية ورئاسية، ويخشى حفتر أن ينتج عنها إبعاده وأبناؤه من المسرح. وأظن أن الذي يجري ما هو إلا محاولة من أمريكا لخداع الشارع في الغرب الليبي في الوقت الذي يظهر أنها لا تريد إنهاء الأزمة ولا إجراء انتخابات، فقط لإلهاء الشعب. لذلك هي تتظاهر بأنها تدفع في اتجاه الانتخابات في الوقت الذي تعمل فيه على إفشال ذلك!
وبعد حرب يهود على غزة تحسّ أمريكا أن الرأي العام بدأ يتململ ويكره وجودها هناك؛ ولذلك هي تستمر في صناعة الإلهاء واستعمال الناس ليستمر وجودها على كاهل الأمة والسيطرة على مقدراتها. وقد جاء بهذا المستشار الأمريكي مسعد بولس في منتصف هذا العام لتمكين الوجود الاقتصادي الأمريكي في البلد.
لذلك ليس هناك من أمر استدعى القيام بهذه الزيارة، ما يرجح أنه استدعاء وليس زيارة.
إذا ما قلنا إنه استدعاء فما هي الرسالة التي أرادوا تبليغه إياها؟
بشيء من النظر يتبين أن ترامب يريد أن يوقف القتال في السودان، وعليه لا بد أن يغلق الممر الذي يسلكه السلاح إلى السودان لمصلحة حميدتي حيث إن حفتر هو من يقوم بتوصيل السلاح الروسي المدفوع الثمن إلى حميدتي.
والآن بعد صدور الأمر إلى عملاء أمريكا بإيقاف القتال وبداية البحث في تقسيم السودان فيبدو أن الفكرة حسب رأي أمريكا نضجت وصار لا بد لها من إخراج معيّن. لأن ما قيل حول الزيارة لا يمكن أن يكون هو المقصود وخصوصا البحث عن الاستقرار في ليبيا، والجميع يعرف أن مصر ليست مهتمة باستقرار ليبيا بل هي في رأي الناس المساهم الأكبر في زعزعة الاستقرار في ليبيا.
أما تحرك حفتر في القضايا الداخلية وحرصه على الاستقرار النقدي في البلاد ومعالجة أمر نقص السيولة والتضخم الحاصل في العملة والذي سببه الإرادة الأمريكية في إفقار الناس وحرق مدخراتهم، فقد كان لحفتر وأبنائه الدور الأكبر فيها حيث إنه كان يرسل الوقود من السوق المحلي إلى السودان إلى حميدتي حتى أصبحت الأزمة خانقة عند الناس من عدم القدرة على الحصول على الوقود في المناطق الشرقية وفقدانها من السوق وهي من السلع المدعومة من طرف البنك المركزي فهي شبه مجانية.
خلاصة القول إن حفتر لا يملك شيئا مما يحاول أن يظهر به أمام الإعلام، فهو لا يصلح سوى لتوتير الأجواء، أما حلول الأزمات فلا.
كما أن الذين يشاركون في صنع الأزمات في غرب ليبيا هم أيضا وجودهم في واجهة الأحداث لازم لمزيد من التأزيم للأوضاع وخصوصا الاقتصادية.
السيسي مطلوب منه الآن مساعدة حفتر على البقاء مهيمنا على القسم الشرقي من البلاد، والذي يحد مصر والسودان، فحفتر ذهب إلى مصر ومن ضمن ما يريد أن يعرفه أن يطمئن على حاله ودوره في المرحلة القادمة.
فهل تقسيم السودان المشرف على أبواب الأحداث يتبعه تقسيم ليبيا؟ وأين يكون موقع حفتر؟ فهل تعتمده أمريكا على القسم الشرقي على البلاد؟ فقد وضح لجميع المراقبين أن أمريكا طلبت من عملائها البرهان وحميدتي وكل الطامعين في كلا الطرفين المتقاتلين إيقاف القتال في السودان والاستعداد لمرحلة التفاوض القادمة.
هذا مصير من ترك شرع الله ذاهبا إلى إبليس مصدقا وعوده متلقياً أوامره ﴿وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً﴾!






















رأيك في الموضوع