تتكشف مواقف الأنظمة العربية، وعلى رأسها النظام المصري، التي تواصل خذلانها، وتشارك في حصار غزة بإغلاق المعابر ومنع الإمدادات، بل وتضخ الغاز ليهود وتنسق معهم أمنياً وسياسياً. وقد تجاوزت الخيانة الجانب السياسي إلى التعبئة الدينية والإعلامية، حيث جُيِّش مشايخ السلطان لتبرير الصمت وتزييف وعي الناس، في محاولة لتحويل الصراع إلى قضية (إنسانية) لا علاقة لها بالتحرير والجهاد.
وهنا يبرز السؤال الجوهري: أين جيش مصر؟ أين من يتغنون بأمجاد أكتوبر، ويتفاخرون بتاريخ البطولات؟ أليس فيهم رجل رشيد يرى أطفال غزة ونساءها يُذبحون، ومقدساتها تُقصف؟! أليسوا يرون الجرائم اليومية التي يرتكبها يهود المجرمون؟! أم أن أوامر السياسة قد أماتت مشاعرهم، وأصبحوا حرّاساً للحدود الاستعمارية لا حماة للأمة؟!
إن النظام المصري هو حارس لأمن يهود، يمنع الدعم عن أهل غزة، ويغلق المنافذ أمامهم، ويخوض حربا إعلامية وسياسية لتشويه من يدافع عنهم، ويتهم المقاومين بالإرهاب!
حتى العلماء الذين يُفترض أنهم ورثة الأنبياء، تاهوا بين الخوف والطمع، فصمت بعضهم، وركن آخرون إلى السلطان، يُبررون الذل بالواقعية، ويخدّرون الأمة بذرائع "فقه المصلحة" و"الحكمة"، متناسين أن الجهاد فرض، وأن قول الحق في وجه الظالم واجب لا يُؤجَّل.
يا أهل الكنانة، يا أبناء صلاح الدين وقطز، أما آن لكم أن ترفضوا هذا الواقع؟! أما آن لكم أن تقولوا كفى لنظام يخون الأرض المباركة فلسطين باسمكم؟! أليس من العار أن يسجل التاريخ أن مصر كانت على حدود غزة، ولم تتحرك لنصرتها؟!
إن الأمة لا تزال مشاعرها حيّة، لكن الخطر الحقيقي أن تبقى نخوتها محصورة في أفراد هنا وهناك، بينما هي وجيوشها صامتون، مشلولو الإرادة. وهذا هو ما يُطيل عمر الأنظمة العميلة وعمر كيان يهود الغاصب، ويديم الذل عليها.
أيها الضباط والجنود في جيش الكنانة: أنتم أصحاب القرار الحقيقي، فالمعابر بأيديكم، والحدود تحت أقدامكم، وصرخات غزة تصلكم، فبأي عذر تصمتون؟! لا تخدعكم أوامر السياسة، ولا يغركم خطاب الإعلام، فأنتم مسؤولون أمام الله، لا أمام القادة. ألا تخشون أن تُسألوا يوم القيامة عن دماء الأطفال؟ عن حصار الأمهات؟ عن المساجد التي تُقصف وأنتم على مقربة منها؟!
إننا ندعوكم إلى ما أمركم الله به؛ أن تكونوا أنصاراً لدينه، وأن تقفوا مع أمتكم لا ضدها، وأن تستخدموا سلاحكم لنصرة المظلوم لا لحماية الخونة، وأن تتحركوا كما تحرك الأنصار مع النبي ﷺ حين قالوا له "لو خضت بنا البحر لخضناه معك".
إن الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، هي الحل الوحيد والجذري، وهي التي ستوحد طاقات الأمة الإسلامية، وتوجّه نخوتها نحو مشروع التحرير، وتكسر شوكة كيان يهود الغاصب فتزيله من الوجود وتجعله أثرا بعد عين، وتوقف التواطؤ مع أعداء الأمة، وتقودها لتعود خير أمة أُخرجت للناس، ﴿بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾.
رأيك في الموضوع