جريدة الراية
في خطوة تكشف عن مدى التردي الذي وصلت إليه الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، أعلنت مصر بدء خصخصة خمس شركات مملوكة للجيش، بإشراف شركات استشارية دولية ثبتت صلاتها المباشرة بكيان يهود وجيشه. هذه الخطوة ليست مجرد قرار اقتصادي يُتخذ في سياق سياسات السوق والحوكمة كما يُروّج لها، بل هي في حقيقتها خيانة موصوفة، وتفريط بأمن الأمة ومقدراتها، وتسليم مفاتيح سيادتها الاقتصادية والاستراتيجية لأعدائها مغتصبي أرضها ومضطهدي أهلها.
إن الخصخصة ف
أيتها الجيوش في بلاد المسلمين، ويا أهل القوة والمنعة، وبخاصة التي حول فلسطين: إن الواجب الشرعي هو أن تنصروا إخوانكم المسلمين في غزة، يقول النبي ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ».
هل بقي عذر لمعتذر، وهل بقيت حجة لمحتج؟ كيف ترون وتسمعون عدوان يهود ومجازرهم، وحصارهم، وتجويعهم لأهل غزة حتى الموت، وأنتم قابعون في مكانكم، دون حراك، بدل أن تتوجهوا إلى أرض الرباط، وتردوا عدوان يهود، وتزيلوا كيانهم المسخ؟! فإنه لا عذر لكم والله، وأنتم قادرون على دك العروش التي تمنعكم من التحرك نحو نصرة إخوانكم، فإن الله لن يقبل منكم غير نصرة إخوانكم وأنتم قادرون، أكرر
بفضل تطبيق الدولة الإسلامية، لأحكام الإسلام في السياسة والحكم والاقتصاد والاجتماع والقضاء...إلخ كانت الرعية تتمتع بالأمن والطمأنينة، وقد شهد لها بذلك خصومها:
يقول الرحالة موتراي: (لقد بقيت في الدولة العثمانية أربع عشرة سنة، كانت حوادث السرقة فيها نادرة الحدوث مثل سائر الحوادث، أما في إسطنبول فمن النادر جداً حدوث سرقات، وكان عقاب من يقومون بقطع الطريق في الدولة العثمانية هو الموت على الخازوق، وخلال أربع عشر سنة عشت في إسطنبول ولم تقم تلك العقوبة إلا ست مرات فقط، وكلهم كانوا من الجنس الرومي، وليس معلوماً عن الأتراك قطع الطريق، ولهذا ليس هناك خوف على الجيوب من خفة اليد).
آهٍ على الخذلان، فألمه يفطر القلب، وهو أشد على النفس من ألم الجوع والسجن وضرب السياط. وأهل الأرض المباركة ومنهم أهل غزة هاشم، يستنصرون أمة الإسلام لنصرتهم وتحريرهم، لأن أخوّة الإسلام توجب على المسلمين نصرة المستضعفين منهم، قال رسول الله ﷺ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَا هُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» رواه مسلم، فتقوى الله التي في صدور المؤمنين توجب عليهم بذل الوسع في نصرة إخوتهم وتحرير المسجد الأقصى مسرى رسول الله ﷺ، وإزالة كل العقبات التي تحول دون نصرتهم لإخوتهم.
ولكن أنَّى للمسلمين أن ينصروا إخوتهم وحدود سايكس بيكو تفرقهم؟
منذ اندلاع ثورة الشام بداية آذار/مارس 2011، وحتى نهاية حكم الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 كانت أهداف أمريكا واضحة بشأن سوريا، وتمثلت في منع تصدير الثورة وعدم سقوط النظام السوري مع إجراء عملية تجميل له، ولم تتغير هذه الأهداف حتى اللحظة، أما التغيرات فكانت في الوسائل والأساليب فقط وهي أصلاً وجدت لخدمة الأهداف فإن فقدت دورها كان لزاماً تغييرها، أما مسألة نفوذ أمريكا في سوريا فلم يكن محل بحث حيث انتفى الصراع الدولي وكان الجميع تحت الخط الأمريكي، إلا محاولات بعضهم الـتشويش فقط لا الصراع، وما كانت روسيا وغيرها إلا أوراقاً وأدوات لتحقيق الاستراتيجية الأمريكية.
وبمجرد الانفتاح الأمريكي رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته عن سوريا، بما يشمل رفع القيود على قطاعي المال والطاقة وإزالة البنك المركزي السوري من قائمة العقوبات. وفي روسيا، أشار نائب وزير خارجيتها سيرجي فيرشينين إلى مواصلة روسيا التفاوض مع الحكومة السورية بشأن وضع القواعد العسكرية الروسية في سوريا. وقال وزير خارجية كيان يهود جدعون ساعر عقب لقاء الشرع
لقد تعددت الوسائل والأساليب لتغريب الأمة وإفقاد شبابها ثقافتهم الإسلامية، ويبقى الهدف واحدا، ألا وهو القضاء على أي نهضة فيها، بل والعمل الحثيث على استحالة حدوث أي بوادر لنهضة حقيقية لعلمهم وقناعتهم أنها بداية نهايتهم المحتومة ولو بعد حين.
لقد ضيّعت هذه الثقافة الغربية بفعل رعاية الأنظمة لها قوة شباب الأمة الإسلامية، وأهدرت طاقاتهم واستنفدت إمكانياتهم وجعلتهم تائهين بلا هدف واضح ومبين، ضائعين بين المطرقة والسندان، مغيّبين عن قضايا أمتهم الحقيقية ومهمشين عن لعب دورهم الحقيقي وتحقيق غايتهم التي من أجلها خلقوا في هذه الحياة، وهي نيل رضوان الله تعالى في كل أعمالهم.
بينما يواصل كيان يهود ارتكاب المجازر في غزة، وتجويع أهلها، وبينما فقدت الأمة الأمل في قادتها لنصرتهم، جاءت خيبة أمل كبرى من قلب إسلام آباد، حيث انعقد يوم السبت 26/7/2025م مؤتمر رؤساء أركان الدفاع الإقليمي بمشاركة أمريكا ودول آسيا الوسطى، برعاية الجيش الباكستاني، حيث جمع المؤتمر كبار القيادات العسكرية من أمريكا، وكازاخستان، وقرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبيكستان.
إزاء ذلك قال المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير في بيان صحفي: إنّ حضور قادة أمريكا، والتعامل معهم كشركاء في الأمن، لا يُعدّ فقط خيانة مكشوفة للإسلام والمسلمين، وانضماماً فعلياً لمعسكر الشر بقيادة كيان يهود ومعسكر الخيانة بقيادة السيسي وحكام آل سعود، في وقت تُسفك فيه دماء أطفال غزة ليلاً ونهاراً، بل هو أيضاً استمرار في مسار العمالة لأمريكا وتنفيذاً لأجندتها ورؤيتها للمنطقة،
أيها المخلصون في جيش الكنانة، يا أبناء مصر الأبرار، يا من لا تزال في صدوركم حرارة الإيمان ونخوة الإسلام، يا من أقسمتم على حماية مصر وأهلها، وأن تكونوا سيفاً للإسلام لا سوطاً للطغاة:
أما آن للحق أن يُقال؟! أما آن لكم أن تقفوا وقفة عمر وخالد وصلاح الدين؟! أما آن لكم أن تزيلوا هذه الفئة الخائنة التي سلّمت رقابنا للعدو، وباعت ماء النيل بثمن بخس في سوق التبعية؟! إن سد النهضة الذي أقيم في أعالي النيل ليس مجرد سد، بل هو خنجر أمريكي مسموم ينتظر اللحظة المناسبة لطعن أهلكم في صميم حياتهم.
إن التاريخ يكتب، وإنكم اليوم أمام فرصة لن تُنسى: إما أن تكونو
للاطلاع على احدث ما ينشر من الاخبار والمقالات، اشترك في خدمة موقع جريدة الراية للبريد الالكتروني، وستصلك آخر الاخبار والمقالات بدون ازعاج بإذن الله على بريدك الالكتروني