قام الرئيس السوري أحمد الشرع، بزيارة لفرنسا، وظهر مع وزير خارجيته أسعد الشيباني، لحظة وصولهما إلى مطار شارل ديغول في باريس.
وقد اعتبر الشيباني زيارة الشرع لفرنسا "نقطة تحول" بالنسبة لبلاده، حيث ذكر عبر حسابه على منصة إكس: "شكلت الزيارة التاريخية إلى باريس رفقة فخامة الرئيس أحمد الشرع، نقطة تحول في ملف رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وتعزيز الأمن الإقليمي، وخلق بيئة دائمة للسلام والاستثمار التجاري في المنطقة". وأوضح أن "نجاح هذه الزيارة لا يقتصر على المستوى السياسي فقط، بل يعكس أيضا الإرادة المستمرة في تعزيز بناء علاقاتنا الدولية على أسس قوية من التعاون المشترك والاحترام المتبادل مع الجميع".
كما نشرت الرئاسة السورية رسالة شكر من الشرع لماكرون، وجاء فيها: "أعبّر عن تقديري العميق لما تميزت به اللقاءات من روح إيجابية ورغبة صادقة في تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، لا سيما ما يتعلق بإرساء دعائم السلام والاستقرار في المنطقة والعالم". وأضاف أنه أكد حرص سوريا على توطيد علاقات الصداقة مع فرنسا والعمل المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية بما يخدم مصالح الشعبين الصديقين.
أما ماكرون فقال خلال مؤتمر صحفي: "إن الاستقرار في سوريا عامل أساسي لأمن وهدوء المنطقة". وأكد على وجوب حماية جميع السوريين، لافتا إلى أن سوريا لن تتمكن من استعادة الاستقرار دون انتعاش اقتصادي. وأشار إلى أهمية التعاون مع سوريا لمواصلة التصدي لتنظيم "داعش الإرهابي"، مؤكدا على أن وجوده في سوريا تهديد للسلام والأمن الدوليين. وتابع قائلا: "عرضت على الشرع التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية من أجل التصدي لداعش"، لافتا إلى أن باريس ستدعم تنفيذ أي اتفاق بين السلطات السورية والإدارة الكردية. وشدد على السعي إلى "رفع تدريجي لعقوبات الاتحاد الأوروبي عن سوريا وسنضغط على واشنطن لاتباع هذا المسار أيضا"، داعيا واشنطن إلى الإسراع في رفع العقوبات عن سوريا.
لم يكن هذا فقط هو ما جرى في فرنسا، فخلال المؤتمر الصحفي وعند الحديث عن هجمات كيان يهود على سوريا أوضح الشرع أن هناك مفاوضات غير مباشرة بين بلاده وكيان يهود عبر وسطاء لتهدئة الأوضاع وعدم فقدان السيطرة، مع استمرار غارات الكيان على سوريا.
إن زيارة فرنسا الحاقدة على الإسلام والمسلمين والطامعة في ثرواتهم منذ تاريخها الاستعماري وحتى الآن لن يجر علينا إلا الويلات.
فكيف ننسى الجنرال الفرنسي غورو عندما دخل دمشق محتلا وتوجه إلى قبر المحرر صلاح الدين وركل قبره بقدمه وقال له: (ها قد عدنا يا صلاح الدين)؟! فرنسا التي احتلت بلادنا لسنوات وكان لها دور كبير في إسقاط دولة عزنا وكرامتنا دولة الخلافة العثمانية، فرنسا التي جلست وقسمت وخططت عبر بيكو بلاد المسلمين إلى مزق، ووضعتها تحت إمرتها وصنعت حكاماً عملاء نواطير لمصالحها وأنظمتها العلمانية العفنة.
إنها فرنسا التي عمّت جرائمها بلاد المسلمين وكانت لفترات طويلة حاملة لواء محاربة الإسلام وما زالت تحاربه، فرنسا أول من يحارب وحي السماء، وهي منطلق حضارة أهلكت البشرية، فرنسا التي تجرأت على رسول الله ﷺ أول مرة في عهد الخلافة العثمانية، ولكن كان هناك خليفة أوقفها عند حدها، فرنسا التي اعتبرت نشر رسوم مسيئة للرسول ﷺ عبر صحيفة تشارلي إيبدو حرية تعبير وأيدت حكوماتها نشر الصحيفة لتلك الرسوم.
فرنسا التي في كل ساعة نرى تصريحات قادتها الحاقدة تجاه الإسلام وحضارته وثقافته. فرنسا التي قتلت الكثير من مسلمي الجزائر، وأرسلت جماجمهم إلى "متحف الإنسان" في العاصمة باريس. فرنسا التي قتلت في إحدى مجازرها في الجزائر 45 ألفا من المتظاهرين العزل، والتي قتلت حوالي المليون ونصف المليون من مسلمي الجزائر.
نعم هذه هي فرنسا التي يجب أن نحذر كل الحذر تجاه أي عبارة مدح قد تخرج من فمنا تجاهها، جرائمها لا تنتهي ولا تتوقف حتى تزول ويزول مبدؤها.
هذه فرنسا يا سادة، بلاد المجون والفسق والإجرام، بلاد تتباهى بقتلها للناس، ودليل ذلك معرض جرائمها "متحف الإنسان" في باريس، فرنسا الكِبر والتسلط، فرنسا التي نهبت خيراتنا وقتلت أهلنا وساهمت بإسقاط دولتنا وتحارب ديننا ونبينا وثقافتنا، فهل يرتجى العنب من الشوك؟! وهل يرتجى من هؤلاء خير؟! ولو كانوا ينوون أن يفتحوا لنا بابا فأي باب سيكون؟! باب العهر والمجون وتاريخ طويل من الإجرام، باب والله إن سامحنا البشر على دخوله فلن يسامحنا الله على ما ضيعناه من حقوق المسلمين، وسيحاسب الناس أشد الحساب وأغلظه، فمهما قدمت فرنسا فلن يُمحى تاريخها من ذاكرتنا.
وأما الحديث عن مفاوضات غير مباشرة مع يهود، فهذه هي الطامة الكبرى والمنزلق الخطير الذي يسخط العباد ورب العباد، ويجب ألا يمر مرور الكرام، بل لا بد من الوقوف في وجهه بكل قوة وحزم، مهما كانت تبريرات المبررين، فالقضية هي قضية دين، قضية كل المسلمين، وهي قضية مصيرية لا تجوز فيها المداهنة أو الملاينة، بل تحتاج المواقف المبدئية الحازمة، فهذا ما يجب وهذا هو الموقف الشرعي الصحيح تجاه كيان يهود ليس غير.
ألا نعلم أنّ الله عز وجلّ أمر بقتال يهود وقتلهم؟! ثم ألا نعلم أن رسولنا الكريم ﷺ قد رسم لنا طريقة التعامل معهم وأن صراعنا معهم هو صراع وجود، وإن بقي هذا الكيان فلن يكون لنا استقرار؟
ثم كيف نتواصل ونتفاوض ونجلس معه، وأهلنا في غزة يقتلون في مجازر لم تشهد لها البشرية مثيلا؟! كيف نقبل الجلوس مع من يحتل أرضنا ويقتل أهلنا حتى في سوريا، فدماء شباب عين ذكر ونوى لم تجف بعد. وأهل ثورة الشام متجهزون للقتال والثأر. إن الحاضنة الثورية في الشام مستعدة للتضحية، والجميع متشوق لنصرة إخوانه في غزة. فكيف نتنكر لثوابتنا وننقلب على أعقابنا ونكون في صف الحكومات التي خذلت إخواننا في غزة، ثم نصرح بأننا نتفاوض مع كيان يهود ومستعدون لعقد اتفاقات تطبيع معه أو إحياء اتفاقات فك الارتباط التي عقدت على زمن المقبور حافظ والتزم بها النظام البائد؟!
إن طبيعة يهود التي أخبرنا الله عنها هي نقض العهود والمواثيق، وهم غاصبون لمقدساتنا قاتلون لإخواننا طامعون في بلادنا، وكلما حاولت استرضاءهم دفعهم ذلك لأن يتطاولوا أكثر.
هؤلاء يكون الموقف منهم بهدم كيانهم وقطع دابرهم، وهذا ما بشرنا الله به في سورة الإسراء، حربا نقول فيها ها قد عاد صلاح الدين من جديد. هذا هو الحل الصحيح والناجع تجاه كيان يهود.
إن نظرة متفحصة وقراءة متدبرة لأحداث التاريخ ضرورية، ليس لأنها تنشط الذاكرة بل لأنها تذكرنا بحقيقة الصراع وتعيده لوضعه الصحيح، بدل الانزلاق إلى درك التهادن مع كيان يهود الذي يسخط الله وعباده الصالحين.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
رأيك في الموضوع