إن استراتيجية الغرب الاستعمارية وسياسته تجاه الأمة الإسلامية تقوم على محاربة الإسلام كمفهوم حضاري ورسالي، عندما سعت بمؤامرات كبيرة وخبيثة لهدم الدولة الإسلامية وتمزيقها وتفتيتها، وخطتها بعد هدم وتمزيق جسد الأمة، وعدم السماح بعودة الإسلام إلى الحكم، ولا بوحدة المسلمين. واستخدمت في تنفيذ سياساتها ومؤامراتها بعضاً من أبناء المسلمين الذين صنعتهم على عين بصيرة في الفكر والسياسة والحكم والإعلام، وكما قال أحد المستشرقين الغربيين: (شجرة الإسلام لا بد أن يتسبب في قطعها أحد أبنائها).
فقد دعمت بريطانيا (الشريف) حسين للقيام بالثورة العربية وطمّعته بأن يكون الخليفة، فأدى ذلك إلى إضعاف الخلافة العثمانية ثم تمزيقها وهدمها، وعندما تحقق لبريطانيا مرادها انقلبت عليه، وتنكرت لوعدها له بل نفته وفرضت عليه الإقامة الجبرية فمات كمداً، هو وكل من استخدمتهم من زعماء وأحزاب وتكتلات لإنجاح خطتها في التمزيق والدعوة الوطنية والقطرية وإقامة الدويلات الوظيفية الكرتونية.
واليوم يقوم الغرب باستخدام بعض أبناء المسلمين عملاء في الفكر والسياسة والثقافة والدين لمنع الأمة من النهضة واستئناف الحياة الإسلامية من جديد، استخدمهم في الترويج لعقيدته التي تفصل الدين عن الحياة والدولة، والمطالبة بتغيير الإسلام وظهور ما يسمى بالإسلام الأمريكي والفرنسي أو الأوروبي عموماً، ومحاولات التشكيك وإثارة البلبلة في ثوابت الإسلام... وما يقوم به من يسمون بـالحداثيين شاهد على ذلك بالدعوة لقراءة نصوص الوحي بالعقلية العلمانية. وهذه الرسالة التي تركها الملحد المغربي ريان بيدان، واعترافه الصريح باستخدام الغرب له لحرب الإسلام ثم التخلي عنه ثم رميه في الطريق، تكشف حقيقة الغرب القبيحة في التعامل مع من يخدمها وعندما تستنفد أغراضها منه تتخلى عنه أو تتخلص منه.
وفي هذه الحرب على الإسلام يستخدم الغرب حكام المسلمين لتنفيذ ما يريده ومع ذلك لا يرضى عنهم ويطالبهم بالمزيد! نذكر في هذا المقام ما كتبه رئيس باكستان الأسبق عمران خان على حسابه في تويتر يوم ١٩/١١/٢٠١٨ وهو يدافع عن خدمات باكستان لأمريكا عندما هاجم ترامب أن أمريكا قدمت الكثير لباكستان وهي لم تقدم ما يجب لحرب التطرف والإرهاب على حد قوله! وقال: (باكستان اختارت المشاركة في الحرب الأمريكية على الإرهاب، تكبدت باكستان خمسا وسبعين ألفا من الضحايا في هذه الحرب وخسرت من اقتصادها أكثر من مئة وثلاثة وعشرين مليار دولار فيما كانت المساعدات الأمريكية عشرين مليار دولار فقط)، أما وزير الدفاع الباكستاني خواجه آصف، فقد كتب يوم ١٩/١١/٢٠١٨ على حسابه بتويتر: (إن الباكستان ما زالت تبذل دماء من أجل أمريكا بسبب خوضنا حرباً ليست حروبنا، وأهدرنا قيم ديننا لجعله يتناسب مع المصالح الأمريكية ودمرنا روحنا السمحة واستبدلنا بها التعصب وعدم التسامح).
وحقا ما جاء به الوحي في كتاب الله حيث قال الله تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾. هذه حقيقة قرآنية في واقع الغرب فمهما قدمت له من خدمات لصالحه وضد دينك وأمتك فإنه يوم أن ينتهي دورك يلقي بك في سلة المهملات أو يقضي عليك وهو خسارة الدنيا والآخرة.
فيا أبناء أمة الإسلام ممن وضعوا أنفسهم في خدمة الدوائر الغربية الفاسدة المفسدة وفي تنفيذ مشاريعها المسمومة والهدامة: أفيقوا وعودوا لأمتكم وتصالحوا مع إسلامكم، واعملوا له بإخلاص وكونوا عونا لإخوانكم المخلصين الساعين للتغيير باستئناف الحياة الإسلامية وتحقيق موعود الله سبحانه وبشرى الحبيب المصطفى ﷺ بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي ستقلب الطاولة على الغرب وتزيل حضارته الفاسدة المفسدة وتجسد الخير والعدل وتوجد السلام والاطمئنان.
* منسق لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع