كان القرار الذي اتخذه الصحابي البراء بن مالك يوم اليمامة بالانغماس في صفوف العدو عبر قذفه داخل الحديقة التي تحصن بها مسيلمة الكذاب وأتباعه من المرتدين، قرارا صعبا لم يكن ليخطر على قلب أحد فضلا عن أن يجرؤ عليه، ذلك العمل الرهيب كان مفتاح الدخول إلى الحديقة والذي مكن جيش المسلمين من رقاب المرتدين وهزيمتهم والانتصار عليهم والقضاء على تلك الظاهرة التي كادت أن تودي بكيان المسلمين ووجودهم، حتى جرت مقولة "ردة وليس لها أبو بكر" مجرى الأمثال كلما واجهت المسلمين فتنة.
نحن اليوم نعيش ما يشبه تلك الأحداث، ونحتاج لمثل أولئك الرجال في إقدامهم وشجاعتهم أمثال البراء بن مالك، وحسن تصرفهم ورعايتهم لمصالح المسلمين وصيانة الدين أمثال أبي بكر.
غزة اليوم قد اتخذت قرارا صعبا وأقدمت
"الموت والجوع.. ولا الركوع"، لسان حال غزة المكلومة والجريحة، الغارقة بدمائها وأشلاء أبنائها، بينما تصر على الوقوف بكل شموخ وتحد وصمود في وجه قاتلها، ترفض كل مخططات التصفية التي يحيكها طواغيت أمريكا وأدواتهم، وتبصق دماً في وجه حكام المسلمين العملاء، وتشتكي إلى الله خذلان المتخاذلين وتقاعس القادرين عن نصرتها ورفع الظلم عنها.
محاولة كثير من الأطراف المتعمدة والمشبوهة تصدير المشهد
كان يمكن أن يكتب تاريخ جديد لفلسطين بل للأمة الإسلامية جمعاء بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وكان يمكن لطوفان الأقصى أن يكون عنوانا لمعركة فاصلة تعيد فينا سيرة حطين وعين جالوت، وتنهي أكثر من سبعين عاما من الاحتلال اليهودي المجرم للأرض المباركة فلسطين، نقول كان ولا زالت إمكانية تحقيق ذلك قائمة، ولا زالت الفرصة سانحة، فالأجواء مهيأة، والقدرات متوفرة، في انتظار قرار جريء من قيادة مخلصة، تأخذ زمام المبادرة
بالقدر الكبير من التضليل الذي مورس في قضية فلسطين بهدف تصفيتها والقضاء عليها، تعتبر الحرب الدموية الدائرة اليوم ضد غزة بشكل خاص وعموم فلسطين كافية بالقدر نفسه لإزالة ذلك الغبار الكثيف الذي يشوش الصورة لتظهر على حقيقتها، وتنقشع الغشاوة عن الأبصار لتتضح الرؤية.
مرة أخرى تنجح الأرض المباركة في تصحيح مسار الأمة، وضبط بوصلتها في الاتجاه الصحيح، ومنح الأمة الإسلامية فرصة للتعبير عن حيويتها، وامتلاكها مقومات الوحدة والنهوض، كما نجحت في المقابل في استعادة هويتها الإسلامية، الأمر الذي كان واضحاً وملموساً من خلال كم المظاهرات الحاشدة التي خرجت في عموم بلاد المسلمين على مدار أكثر من أسبوعين من الحرب على غزة
لم يكن نشوء كيان يهود طبيعياً كأي دولة في العالم، فقد كان تأسيسه قائماً على الجريمة وسفك الدماء، فقد شكلت عصابات الهاجاناه والأرجون وشتيرن النواة الأولى لجيش الكيان، مرتكبة أبشع الجرائم، فقتلت البشر واغتصبت الأرض، وقد حاولت التغطية على ذلك كله بالترويج لكذبة غاية في الإجرام، ساندتها في ذلك القوى الاستعمارية بزعامة بريطانيا في ذلك الوقت، تلك الكذبة التي تقول إن فلسطين
بالكاد تتمكن من دفن أولادها، والسير في جنازاتهم، فحمم القذائف فوق رأسها لا تتوقف، ولا عزاء لأنها نذرت أولادها منذ حملتهم وهناً على وهن شهداء، وكلما حاولت أن تلملم جراحاتها، وتحبس الدمع في عينيها، وتمسح التراب عن وجوه أطفالها، تمنّي نفسها بالقادم لعله يكون أفضل. يداهمها العدو بهمجية ووحشية أشد وأفظع من المرات السابقة، هادماً كل آمالها، والحقيقة أنني غير قادر على تحديد بالضبط المرة السابقة من كثرة ما تعرضت له غزة من جرائم، كل جريمة أنكى من أختها. بالرغم من ذلك فغزة باتت الوجه الآخر للعزة، لأنها تأبى الذل والانكسار، وتأبى الانحناء والخضوع، ومستعدة لدفع الثمن مهما كان باهظاً، تتمثل قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.
إن من أبرز ما يميز الإسلام كمبدأ هو محاربته للفردانية والأنانية، ففي الوقت الذي يوجب الإسلام على الفرد القيام بشؤونه الخاصة وإصلاح نفسه وضبط سلوكه، فإنه في الوقت ذاته يدفعه للاهتمام بغيره، ويُوجب عليه القيام برعاية مصالح الآخرين
تقوم العلاقة بين دول العالم على المصالح، لذلك تتقارب الدول أو تتنافر بقدر توافقها فيما بينها على مصالحها المشتركة، والحقيقة أن العلاقة الطبيعية بين الدول هي علاقة صراع، حتى وإن بدت في بعض الأحيان متقاربة ومتصالحة فيما بينها، ومرتبطة بتحالفات وغيرها، فالصراع الدولي متعدد الجوانب والصور، وميادينه وساحاته مختلفة، وفي غالب الأحيان خفي غير ظاهر
في لحظة غفلة من الأمة تمكن الكافر المستعمر من هدم كيانها السياسي، وحصنها الذي تلوذ إليه، وركنها الشديد الذي تمتنع به من أعدائها، تمكن الغرب من هدم دولة الخلافة، وعاث في بلاد المسلمين فساداً وإفساداً، وأعمل خنجره المسموم في جسدها فقطعها بضعاً وخمسين مزقة، وللمحافظة على هذه الحالة من الفرقة والشرذمة، وتكريس الضعف والتناحر فيما بين
"حبل الكذب قصير مهما طال" مثل يصدق في أردوغان الذي لطالما تمسح بالإسلام وخادع الناس بمشاعرهم وعواطفهم الإسلامية ليسوق أردوغان نفسه على أنه سليل الفاتحين، وحفيد العثمانيين، ويضفي على نفسه ألقاب السلاطين
للاطلاع على احدث ما ينشر من الاخبار والمقالات، اشترك في خدمة موقع جريدة الراية للبريد الالكتروني، وستصلك آخر الاخبار والمقالات بدون ازعاج بإذن الله على بريدك الالكتروني